ورد الان: اليمنيون يصيبون كوريا الجنوبية بالجنون "تفاصيل مثيرة"
الاثنين 13 أغسطس 2018 الساعة 02:55

من المفترض أن يكون اللاجئون اليمنيون الذين دخلوا كوريا الجنوبية في وقت مبكر من هذا العام غير شرعيين، حيث توجه فقط 561 من اليمنيين الفارين من الحرب المشتعلة في بلادهم إلى جزيرة "جيجو" الكورية، تقدم 552 منهم بطلب للحصول على اللجوء، وهو عدد زهيد إذا ما قورن بألمانيا على سبيل المثال، التي تلقت وحدها ما يقرب من 89 ألف طالب لجوء لعام 2015.

وكان اللاجئون اليمنيون محاصرين في جزيرة جيجو في وضع بالكاد يمكنهم من التفاعل مع سكان كوريا الجنوبية بشكل عام، ناهيك عن منافستهم على وظائف أو تشكيل أي شكل من أشكال التهديد بالنسبة لهم.

اقراء ايضاً :

ومع ذلك فقد كان رد فعل الشعب الكوري الجنوبي هستيرياً إزاء هذه الحفنة من اللاجئين، حيث تم تقديم عريضة، موقعة من 700 ألف شخص، إلى حكومة الرئيس الليبرالي مون جاي إن، تطالب بعدم قبول تلك الطلبات. وهو أعلى رقم تبلغه التوقيعات منذ أن فعل البيت الأزرق نظام تقديم العرائض الخاص به عبر الإنترنت في أغسطس عام 2017.

وكانت استجابة إدارة مون لتلك المطالب سريعة، فعلى الرغم من أن جزيرة "جيجو" الاستوائية هي مقاطعة تسمح بدخول الزوار من معظم بلدان العالم دون تأشيرة لتعزيز السياحة، بيد أن الحكومة أضافت اليمن في الأول من يونيو الماضي إلى قائمة صغيرة من الدول المستثناة من هذه السياسة، وتشمل تلك القائمة: (أفغانستان والعراق وكوسوفو)، مما يمنع بشكل فعال مزيدا من اللاجئين اليمنيين من الوصول إلى البلاد والتقدم بطلب للجوء فيها، كما حظرت الحكومة على ملتمسي اللجوء مغادرة الجزيرة والدخول إلى أراضي شبه الجزيرة الكورية.

استجابة البيت الأزرق للعريضة المقدمة عبر وزير العدل بارك سانج كي، والسكرتير الإعلامي الجديد للبيت الأزرق تشونج هاي في الأول من أغسطس الجاري، جاءت مؤكدة من جديد على الالتزامات الدولية لكوريا الجنوبية تجاه اللاجئين، فقد ذكر تشونج هاي المشاهدين عبر كلمته بأن الحكومة الدستورية المؤقتة لجمهورية كوريا الجنوبية، والسالفة للحكومة الحالية، كانت حكومة في المنفى أنشأها اللاجئون الكوريون الفارون من الحكم الياباني الاستعماري في شنجهاي.

وأكد بارك سانج كي دخول اللاجئين اليمنيين بشكل قانوني إلى كوريا الجنوبية، كما ذكر أنه بخلاف المطالب المتطرفة للعريضة، ليس لدى كوريا الجنوبية أي نية للانسحاب من الاتفاقية المتعلقة بأوضاع اللاجئين، كما لن تقوم بإبطال سياسة التأشيرة في جزيرة "جيجو"، واقترح كذلك إنشاء محكمة خاصة للاجئين، مزودة بخبراء في المنطقة واللغة وفقا لتوصيات الأمم المتحدة.

غير أن استجابة بارك شملت، أيضا، تنازلات أمام الهستيريا المعادية للأجانب، وقال إنه ستكون هناك جهود لاجتثاث "اللاجئين المزيفين"، منها على سبيل المثال، أن تجرى عليهم اختبارات المخدرات، وفحصهم على سجل جنائي، وهو ما يعكس الصورتين المألوفتين للأجانب في كوريا الجنوبية. كما أعلن أيضا عن عقوبات إضافية على وسطاء اللاجئين الذين يروجون للمخالفات. كما ضاعفت وزارة العدل عدد الدول المستبعدة من سياسة الدخول إلى جزيرة "جيجو" بدون تأشيرة، مضيفة 12 دولة للقائمة منها مصر وباكستان والصومال، وكما شدد بارك على أن للاجئين حقوقا قانونية، فقد شدد أيضا على إمكانية ترحيل اللاجئين الذين "يخالفون النظام الاجتماعي".

من السهل أن تصاب بخيبة الأمل إزاء هذا الرد القادم من إدارة ليبرالية كانت وليدة احتجاجات بطولية دامت شهورا، وأسفرت عن عزل ومحاكمة الرئيسة المتسلطة بارك جن هي، ومع ذلك تكشف الاستطلاعات عن السبب المريب وراء دعم حكومة مون ولو جزئيا للعاطفة المناهضة للاجئين، فالمسألة قد تمثل أكبر تهديد لاستقرار الإدارة حتى الآن، إذ تضرب في أساس دعمها المتمثل في الشباب والنساء والطبقة المتوسطة.

وفي استطلاع حديث أجرته هانكوك للأبحاث، عارض 56% من المشاركين في الاستطلاع قبول اللاجئين اليمنيين، في مقابل 24% فقط دعموا وجودهم، وكان اعتراض النساء أقوى من الرجال بنسبة (61% للنساء مقابل 51% للرجال)، كما كان اعتراض المشاركين أشد كلما كانوا أصغر سنا، فقد وصلت نسبة الاعتراض بين الشباب في العشرينات إلى 70%، وفي الثلاثينات وصلت إلى 66%، فكانوا الأشد اعتراضا بين جميع الفئات العمرية، كما وصل اعتراض الأسر متوسطة الدخل على قبول اللاجئين إلى 62%.

هذه النتيجة كانت مفاجئة، كون النساء والشباب والموسِرين مجموعات مرتبطة بشكلٍ عام بمزيد من الكرم تجاه المهاجرين واللاجئين، لكن على الأرض يحدث زواج شائه بين القيم التقدمية والإسلاموفوبيا. قد يتصور المرء على سبيل المثال، أن النسويات في كوريا الجنوبية، اللاتي نشطن حديثًا في حملة "أنا أيضا #MeToo"، سيعربن عن تضامنهن مع اللاجئين الضعفاء، لكن وعلى النقيض من ذلك تعزز العديد منهن الأساطير بأن اللاجئين المسلمين هم مغتصبون محتملون، مستمدات تلك الأساطير من مزيج من الأخبار الحقيقة والمزيفة الآتية من أوروبا.

في أواخر يوليو واوئل أغسطس، كان أحد الهاشتاجات الشائعة على تويتر باللغة الكورية: "نساء مفقودات في جيجو – دو"، ويشير الهاشتاج إلى ست نساء عُثر على جثثهن في جزيرة "جيجو" في الشهرين الماضيين ملقيا اللوم على اللاجئين، تقول إحدى التغريدات التي أعيد نشرها أكثر من 5 آلاف مرة: "بصفتي مقيما في جيجو، أشعر بالتوتر الشديد، لقد تركوا بالمكتبة المجاورة لمدرستي ملاحظة كتب عليها أنهم سيقتلون النساء، لا أرى حولي سوى اللاجئين أو الصينيين، لم يمر سوى شهرين، ولدينا ست نساء عثر عليهن متوفيات"، وبالإضافة لهاشتاج "نساء مفقودات"، فقد احتوت التغريدة أيضا على هشتاج: "حقوق السلامة الآمنة لنساء جيجو".

هيستيريا الشعب الكوري الجنوبي تجاه اللاجئين، يغذيها المناخ العام من العنصرية وكراهية الأجانب دون شك، إلا أن هذا بمفرده لا يفسر هذه النتيجة التي يعتبر فيها أعضاء المجموعات السكانية الأرقى تعليما في كوريا الجنوبية هم أكثر المتحمسين لرفض اللاجئين اليمنيين.

يمثل اللاجئون اليمنيون علفا جديدا مثاليا لإذكاء سياسات الكراهية هذه، فبالنسبة لحزب كوريا الحرية المحافظ، الذي دفع إلى الهاوية بعد الهزيمة الساحقة التي مني بها في الانتخابات المحلية الأخيرة، فإن مواصلة تكتيكات رؤسائه القدامى في تشويه صور اللاجئين تقدم مسارا نحو البقاء السياسي، قد لا يكون الحزب هو المسؤول عن خلق كراهية الأجانب لدى الكوريين الجنوبيين، لكنه بالتأكيد يؤججها من أجل مكاسبه السياسية.

قد يأمل المرء أن تستجيب إدارة مون بقوة أكبر للدفاع عن حفنة من اللاجئين اليائسين ضد العنصرية. ولكن عندما تصبح القضية أكثر تفجرا من الأسلحة النووية لكوريا الشمالية، فقد يكون من المتوقع أن تبدي الإدارة قدرا أكبر من الشجاعة السياسية.

* مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية

الأكثر زيارة