2019/06/30
  • على عتبات اتفاق تاريخي مع واشنطن :( الصين تغير واقع الكوكب )
  • على عتبات اتفاق تاريخي جديد مع وشنطن ( الصين تغير واقع الكوكب ) 
    صالح حسن أبوعسر 
    في صراع الكبار لا مسار غير مسار المفاوضات والاتفاقات لأن المسارات الأخرى باهضة التكاليف حد اللاقدرة على الاحتمال ،  وحينما تملك قطعاً تكافئ في الأهمية والتأثير القطع التي يمتلكها خصمك حينها يكون الوصول إلى نقطة التعادل على الرقعة أمراً مقبولاً للجميع .
    وصلت الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة الأمريكية ذروة اشتعالها في مايو المنصرم وفيها استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية أهم أسلتحها في هذه الحرب ( تكنولوجيا المعلومات ، والتعرفة الجمركية ) والمتأمل جيداً في قرارات الإدارة الأمريكية هذه يدرك جيداً أنها قرارات اتخذت وفق دراسة محكمة من وجهة النظر الأمريكية ،وليس كما روجت الكثير من الماكينات الإعلامية بأنها مجرد نزوات ترامبية غير محسوبة .
    باختصار اتخذ هذين القرارين تحديداً لأن الرد الصيني عليها سيكون : ( المعاملة بالمثل ) ، وفي هذه الحالة لا مجال للمقارنة فما تصدِره الصين للولايات المتحدة أكثر بكثير مما تستورده ، وحاجة الولايات المتحدة للتكنولوجيا الصينية أقل بكثير من حاجة الصين للتكنولوجيا الأمريكية ، هذا بالإضافة إلى إمكانية توفير بدائل للبضائع المستوردة من الصين فيما يصعب على الصين توفير بدائل للتكنولوجيا المصنعة أمريكياً . 
    بناءً على هذه المتراجحة اتخذ ترامب قراري التعرفة الجمركية ، ومحاصرة هواوي ، لكن ( بناةُ السور ) الجدد لم يسلكوا المسار المرسوم من قبل راسمي المسارات في البيت الأبيض ، 
    لم تكن القرارات المتخذة في ( بيجين ) هي زيادة الجمارك على حبوب الصويا وطائرات البوينج فحسب ، ولم تكن متطرفة كما توقع رفاق ( دالتون ) ، فقد سلك أحفاد ( ماو ) طريقين يجعلنا أكثر إيماناً بأن مسار ( الإصلاح والانفتاح ) الذي تنتهجه الصين قد جعلها أكثر نضجاً في التعامل مع أفخاخ أرباب الدولار ، تمثل الطريق الأول في التأكيد على أن الصين عضواً رئيسياً في صناعة وتطوير أنظمة التشغيل الرقمية التي تحاول الولايات المتحدة احتكارها ، وبأن الصين ستواصل الاستفادة من هذه التكنولوجيا وفق الاتفاقيات الدولية الموقعة بهذا الشأن ، وهذه خطوة تحرج الولايات المتحدة إذ لا تستطيع في هذا التوقيت تحديداً التنصل من الاتفاقيات التي تضمها وكثير من صانعي ومطوري ومسوقي هذه التكنولوجيا ، بالإضافة إلى أن اتخاذ هكذا موقف يتيح أمام الصينيين الوقت لإنتاج أنظمتهم التقنية الغير خاضعة للمزاج الأمريكي ، وفي ذات الإطار لم تتطرف الصين في الرد بل أكدت استمرارية تعاملها مع كافة الشركات والمؤسسات التي تصدر وتطور الأنظمة الرقمية بما فيها الشركات الأمريكية خارج التراب الأمريكي ،والتي لا تشملها قرارات ترامب الأخيرة . 
    فيما الطريق الثاني هو الاتجاه نحو فتح أسواق بديلة يمكنها أن تستوعب ما قد يفيض من الصادرات بسبب إغلاق السوق الأمريكية ، بدى هذا الأمر واضحاً من الرحلات المكوكية للإدارة الصينية إلى بلدان آسيا وأوروبا وأمريكا اللاتينية بالإضافة لحزمة قرارات وقوانين اتخذت في الداخل الصيني لتشجيع فتح شركات التصدير والاستيراد من وإلى الصين . 
    وأمام الرد الصيني الذكي والقوي تجد إدارة ترامب نفسها وقد استخدمت أهم أوراقها وأكثرها تأثيراً ونتيجتها أن الصين في طريقها لتوفير بدائلها الخاصة بما يفقد الأمريكيين أهم نقاط قوتهم في معاركهم الاقتصادية مع التنين . 
    لذا تتجه الحكومتين خلال الفترة القليلة القادمة إلى توقيع اتفاق تاريخي يعيد التعرفة الجمركية إلى ما قبل 2019م ويمكِّن شركات إنتاج الأجهزة الذكية في الصين من استخدام التكنولوجيا الأمريكية في مقابل رفع قيمة اليوان الصيني أمام الدولار الأمريكي لضمان بقاء البضائع الأمريكية في مجال المنافسة السعرية مع السلع الصينية .

    تم طباعة هذه المقالة من موقع اليمن السعيد www.yemensaeed.com - رابط المقالة: : http://yemensaeed.com/art16547.html