2019/06/03
  • هزة قلم!.. غربة البن.. صرخة في جدار الصمت!
  • الإبداع جينات.. التميز جرأة وثقة بالنفس..
    والبن هو النجم رقم واحد!
    عبد الوكيل.. أنيسة.. شاكر.. حامد، مسعود.. نورية.. نشوان، حافظ، العاقل، عتيق الدبدوب… وصاحب الجعشة عباس، والوالد مرزوق القروي الذي يحب الصهر صاحب الفلوس.
    شخصيات برزت وأبدعت في أداء أدوارها، نجوم تلألأت في سماء ليالي رمضان هذا العام..

    من أفضل ممن؟؟؟
    يحتار المشاهد في اختيار الشخصية الأولى، وفي تحديد هوية النجم الأول في مسلسل غربة البن!
    أهو عبد الوكيل الطحان القروي البسيط، الزوج الطيب الصبور الأمين - الحرامي الخائن في لحظة ضعف بشري، أم مسعود المزارع الطيب الحاضر الغائب، الزوج المحب المغترب اضطرارا ،المغدور، والظالم لنفسه وأهله؟
    هل هي أنيسة الزوجة النكدية المادية، المرأة القوية التي تساوي عشرة رجال، أم نورية الزوجة المحبة الحنونة القنوعة الصابرة المجاهدة المثابرة؟؟ 
    هل هو العاقل الضعيف المزواج الجشع "ياسسسسين عليه ياسسسسين"، أم هو حافظ الحداد الكذاب الخبيث الخائن الأناني المجرم البريء؟؟
    وماذا عن عيال الخالة نشوان الشاب اليتيم الخلوق الطيب الفتي القوي الخدوم الأمين الذكي، وحماد الصديق المحب الوفي المضحي، وشاكر الشاب الكسول الخامل عديم الفائدة الجائع على الدوام؟
    وأين نضع الدبدوب عتيق الشاب البسيط الطيب الصريح الساذج المتخلف عقليا المضطهد من معلمه، المحب للناس والرحيم؟
    وعلى الرغم من دوره الثانوي إلا أن حضوره في المسلسل كان صارخا ومميزا، إنه عباس "مله عيييييب".
    وكيف نتحدث عن الأخوة الصادقة الوفية، الراقية خلقا وسلوكا، المتمثلة في المغتربين محفوظ وعزام وأخيه...؟؟؟
    وكيف نصنف نبيل بريطانيا الزوج عديم الوفاء، والأب المصلحجي، الذي هاجر وهجر زوجته وابنته، وعاش مع زوجته البريطانية؟
    كل شخصية في المسلسل جسدت حالة إجتماعية منفردة، وتقمصت دورا مرضيا محددا من أمراض المجتمع الكثيرة: الطمع، الجشع، الظلم، الأنانية، الخيانة، السرقة، أكل مال اليتيم، القتل.
    وفي المقابل برزت حالات إجتماعية راقية ونبيلة في خلقها وسلوكها، لكنها أضحت نادرة في المجتمع المريض: الأم المضحية المربية، الأخوة الصادقة، والصداقة الوفية، خدمة المجتمع، الرحمة.

    أبرز مسلسل "غربة البن" دراما المغترب الحزينة، ومعاناته الأليمة. وأبرز بشكل أقوى معاناة الأم، والزوجة المنتظرة لزوجها، والطفل الميتم، وما يمر به كل أولئك ويكابدون من اللوعة والشوق:
    واعم منصور يامروح البلد
    سلم على اهلي شيبتهم والولد
    وبلغ الشوق باهي الوجن والخد
    من حل في الحشا حبه وفي الكبد.

    أما ظروف المسلسل وبيئته فهي تعكس الحالة المزرية لما وصل إليه الوطن اليمني من تخلف في كل مرافق الحياة الإنسانية، والتي هي نتيجة طبيعية للوضع السياسي المجرم، الذي ألقى بظلاله على كل شيء، وأوصل المجتمع إلى هذا المستوى البائس، وعيشة البداوة القروية المعدمة.

    وبعد كل ذلك برز جانب مشرق آخر في المسلسل لم نكن نعهده من قبل في الأعمال الفنية السابقة، ما أحدث قفزة نوعية للدراما اليمنية، وهذا في الحقيقة هو تجريد المسلسل من اللهجة والعادات الصنعانية، وإحلال اللهجة التعزية والإبية محلها.
    هذا من وجهة نظري أعطى للمسلسل نكهة خاصة، وأضفى عليه لونا من المرح واللطافة بحكم اللهجة التعزية اللطيفة والممتعة. وهذا اعتبره انا إنتصار للمجتمع أو الدراما اليمنية ضد العنصرية المفروضة عليه فرضا من قبل الحكومات الطائفية المتعاقبة، التي حاولت طمس هويته متعددة اللهجات والعادات، وإبراز لون واحد فقط مكانه.

    يبقى جانب آخر في المسلسل أكثر إشراقا يشكر المخرج وكاتب السيناريو عليه كثيرا كثيرا، وهو قضية غربة البن اليمني، وهجره وهجر زراعته:
    ياغربة البن ما أقسى غربة الأوطان
    يا رشفة الحزن يا نكهة بلا فنجان
    يالوعة الشوق والذكرى مع النسيان
    وياضحكة النون في دنيا بلا ألوان
    وياغربة البن في فنجان من حسرة
    يدي لي أمسي أنا مجروح من بكرة!
    فلقد سلط المسلسل الضوء عليه بشكل كبير جدا، ودعى للعودة لزراعته والاشتغال به وتصديره حتى أضحى البن هو البطل رقم واحد في المسلسل:
    إرجع لحولك.. كم دعاك تسقيه
    ورد الربيع من له سواك يجنيه

    نقاد المسلسل!
    لا أدري لم انتقدوه؟ ولا اعرف سببا واحد لذلك!
    فهل هو استعجال في النقد للعمل الدرامي الرائع؟ أم هو الحقد والحسد لنجاحه الكبير جدا؟ أم لأسباب سياسية وطائفية؟ أم هي الغيرة من القنوات التي حازت على حقوق بثه؟
    هل إبراز اللهجة التعزية الحالية والجميلة هي التي أثارت كل هذه العداوة حوله من "النقاد"؟؟؟!!!
    سطوع نجم اللهجة التعزية في المسلسل يعتبر علامة فارقة في المفهوم السياسي!
    أترك الإجابة للقارئ الحصيف!

     

    تم طباعة هذه المقالة من موقع اليمن السعيد www.yemensaeed.com - رابط المقالة: : http://yemensaeed.com/art16542.html