2017/02/13
  • مداخل مبتكرة لحل مشاكل التعثر المصرفي: نظام حماية الودائع و الحوكمة
  •  
                              د.عبدالغني علي السبئي
    لا شك أن ضمان استقرار النظام المالي (المسؤول الأول عن تمويل التنمية) ضروري قبل أي حديث عن النمو الاقتصادي. واستقرار النظام المصرفي (باعتباره أحد أهم أجزاء النظام المالي) يعتبر خطوة ضرورية لتحقيق ذلك
    و مما لا شك فيه كذلك أن العوامل التي تؤدي إلى عدم استقرار النظام المصرفي قد تزايدت خاصة في ظل عولمة الأسواق المالية و ظهور الكثير من الابتكارات المالية التي أدت إلى الحد من فعالية الأدوات التقليدية الهادفة إلى ضمان استقرار النظام المصرفي...
    هذه الأسباب مجتمعة أدت إلى التفكير في مداخل مبتكرة و مستحدثة في نفس الوقت تمكن من تحقيق هدف الاستقرار المالي ككل و المصرفي بشكل خاص
    لذلك سوفا نتناول من خلال ورقتنا البحثية هذه مجموعة من المداخل المستحدثة التي تستهدف الحفاظ و ضمان استقرار النظام المالي ككل و المصرفي بشكل خاص هذان المدخلان هما الحوكمة و نظام حماية الودائع. و قبل تناولناهما بالتفصيل، فإنه يجب أن نشير إلى أنهما يكملان بعضهما بعضاً، إذ لا يمكن اعتبارهما بديلين. لكن يبقى مع ذلك ضرورة البحث دائما وأبدا عن وسائل أخرى مبتكرة لتحقيق نفس الهدف: استقرار النظام المصرفي.
     
    المحور الأول: العولمة المالية و استحداث بيئة مصرفية جديدة
    حدث تغيير كبير في البيئة المصرفية و ذلك نظرا للتحولات و التطورات المتلاحقة و التي شهدتها الساحة المالية و المصرفية نتيجة العولمة المالية ، حيث تطور نشاط البنوك و توسعت مساحة و دائرة و نطاق أعمالها المصرفية سواء على المستوى الداخلي أو الدولي و الذي انعكس على زيادة المخاطر المصرفية.
    آثار العولمة المالية على الجهاز المصرفي
    -إعادة هيكلة صناعة الخدمات المصرفية: فقد حدث تغيير كبير في أعمال البنوك و توسعت مساحة دائرة و نطاق أعمالها حيث أخذت البنوك تتجه إلى أداء خدمات مالية و مصرفية لم تكن تقوم بها من قبل و انعكس ذلك بوضوح على هيكل ميزانيات البنوك فقد اتضح من أحدث التقارير على أكبر البنوك أن المصدر الرئيسي لأرباحها لم يعد يتحقق من عملية الائتمان المصرفي بل من الأصول الأخرى و من ناحية أخرى انخفض النصيب النسبي للودائع في إجمالي الخصوم بالبنوك و أن الخصوم القابلة للمتاجرة زاد نصيبها النسبي إلى إجمالي خصوم البنوك نتيجة تزايد نشاطها في الأنشطة الأخرى غير الافتراضية. و من الملفت للنظر أن أثر العولمة على الجهاز المصرفي في مجال هيكلة صناعة الخدمات المصرفية قد امتد بشكل غير مباشر و تمثل في دخول المؤسسات غير المصرفية مثل شركة التأمين كمنافس قوي للبنوك التجارية في مجال الخدمات التمويلية
    -التحول إلى البنوك الشاملة:في ظل العولمة و إعادة هيكلة صناعة الخدمات المصرفية زاد اتجاه البنوك و خاصة التجارية إلى التحول إلى البنوك الشاملة التي تتمثل في كيانات مصرفية تسعى دائما وراء تنويع مصادر التمويل و التوظيف و تعبئة أكبر قدر ممكن من المدخرات في كافة القطاعات و توظيف مواردها في أكثر من نشاط و في عدة مجالات متنوعة و المتجددة التي قد لا تستند إلى رصيد مصرفي بحيث نجدها تجمع بين وظائف البنوك التجارية التقليدية ووظائف البنوك المتخصصة و بنوك الاستثمار.
    -تنويع النشاط المصرفي: هو أثر مرتبط بتعميق العولمة المصرفية و قد شمل تنويع النشاط المصرفي على مستوى مصادر التمويل و إصدار شهادات إيداع قابلة للتداول و الاتجاه إلى الاقتراض طويل الأجل خارج الجهاز المصرفي و على مستوى الاستخدامات و التوظيفات المصرفية، تم الاتجاه إلى تنويع القروض الممنوحة و إنشاء الشركات القابضة المصرفية و تحويل المديونات إلى مساهمات في شكل أوراق مالية قابلة للتداول كما أضافت البنوك إلى نشاطها المشتقات المالية حيث أخذت تتعامل مع العقود المستقبلية
    -اشتداد المنافسة في السوق المصرفية: إن تزايد العولمة و إقرار اتفاقية تحرير الخدمات المصرفية من القيود التي جاءت بها اتفاقية الجات 1994 و تولي منظمة التجارة العالمية تطبيقها من بداية 1995 جعلت المنافسة تشتد في السوق المصرفي حيث نجدها اتخذت ثلاث اتجاهات:
     الاتجاه الأول: المنافسة بين البنوك التجارية.(
     الاتجاه الثاني: المنافسة بين البنوك و المؤسسات المالية الأخرى.(
     الاتجاه الثالث: المنافسة بين البنوك و المؤسسات غير المالية على تقديم الخدمات المصرفية(
    -الاندماج المصرفي: من أجل اكتساب البنك قوة الوجود و الاستمرار فانه يندمج مع كيان آخر مصرفي و من ثم يتحول بالاندماج إلى كيان مصرفي جديد أكثر فعالية و أعلى قدرة و أفضل في انتهاز الفرص المتاحة في السوق المصرفي فالاندماج المصرفي تفرضه ضرورة و تقضيه الحاجة و هو مبنى على التحالف و تعاون المنافسين و هو بذلك أداة تواصل للتكييف مع متطلبات التواجد و الوجود في عصر العولمة
    -خصخصة البنوك: نعتبر خوصصة البنوك أحد نتائج العولمة و لقد حدث الاتجاه نحو خوصصة البنوك في الدول النامية بعد زوال الملكية العامة للبنوك في ظل تثير من هذه الدول إلى تطبيق برامج الإصلاح الاقتصادي و التحولات الآلية للسوق.
    -تزايد حدوث الأزمات بالبنوك: و هي أحد أهم الآثار السلبية للعولمة إذا أن في عدد من الدول تعرض الجهاز المصرفي فيها إلى أزمات كان لها تأثير شديد على مجمل الاقتصاديات.
    -ضعف قدرة البنوك المركزية على التحكم في السياسة النقدية: و لقد ظهر هذا الضعف عند ظهور الأزمات المالية و التي عجزت البنوك المركزية على تفاديها و إنقاذ العملة الوطنية و سعر الصرف
    البيئة المصرفية في إطار العولمة المالية
    المخطط التالي يوضح مستويات البيئة المصرفية.
    مكونات البيئة المصرفية
    البيئـة الخارجيـة العامـة السياسة القانونية التكنولوجية
    الديموغرافية الاقتصادية الثقافية
    البيئـــة الخارجيـة الخاصــة المنافسون الموزعون
    العملاء البيئــة الداخليـــة
    أهداف
    وظائف إدارية
    دائنون موارد متاحة وظائف مصرفية
    الموردون اتحادات العمل و النقابات المساهمون
    الاجتماعيــة الطبيعية
    المصدر: محمد أحمد عبد النبي ، برنامج التسويق المصرفي ، المعهد المصرفي .القاهرة 2001 ص2.
    ثانيا: تغير البيئة المصرفية
    ساعدت عدة عوامل على تحقيق الاستقرار للبيئة المصرفية في السبعينات، إذ كانت الصناعة المصرفية تخضع للتنظيم القانوني الشديد و العمليات المصرفية التجارية تقوم على أساسها بتجميع الموارد و منح الائتمان و سهلت محدودية المنافسة على تحقيق ربحية عادلة و مستقرة و اهتمت الهيئات التنظيمية بسلامة الصناعة المصرفية و السيطرة على قوة خلق النقود الخاصة بها. كانت فترة الثمانينات و بداية التسعينات الفترة التي حملت معها موجات التغير في الصناعة المصرفية، التي ارتبطت الفترة بإتباع سياسات اقتصادية أكثر تحررا بهدف تحجيم عملية التدخل الحكومي و تقليص دور الدولة خاصة في المجال الاقتصادي حيث أدت عالمية الأسواق التقدم في نظم الاتصالات و زيادة الاعتماد بين الأسواق العالمية إلى زيادة الضغط على الدول لتحرير النظام المصرفي بطرق متعددة و بالضرورة بدأت المؤسسات البنكية في تنمية أدوات جديدة تتعامل كفاءة أكثر مع الاتجاهات العالمية أفرز التغير في البيئة المصرفية اشتداد حدة المنافسة و ابتكار منتجات مالية جديدة و التحول من الصيرفة التجارية إلى أسواق رأس المال.
    أثر البيئة المصرفية الحديثة على نشاط البنوك
    أولا: المخاطر المصرفية النظامية (التقليدية )
    -المخاطرة المصرفية: تعرف المخاطرة على أنها احتمال وقوع خسائر في الموارد المالية أو الشخصية نتيجة عوامل غير متطورة في الأجل الطويل أو القصير و الخطر يمثل عمل مؤسسات التأمين لا القرض كما تختلف وضعية المخاطرة عن عدم التأكد. فالمخاطرة تعني تعرض عون اقتصادي إلى مصادفة ذات أثر سلبي بحيث تكون هذه المصافة قابلة التقدير بواسطة احتمالات محددة من طرفه ، بينما حالة عدم التأكد تعني أن العون لا يدخل أي احتمال في تقديريه.
    -المخاطرة التي تواجه البنوك عادة: و هي المخاطر التي تتعرض لها البنوك في طبيعة نشاطها و التي تسبب خسائر مالية و خاصة مخاطر الائتمان و يمكن تصنيفها إلى: مخاطر الائتمان، مخاطر السوق و مخاطر التشغيل.
    و يمكن توضيح المخاطر الرئيسية في البنوك من خلال المخطط التالي:
    أنواع المخاطر الرئيسية في البنوك
    ثانيا: أسباب زيادة المخاطرة المصرفية
    يرجع السبب في زيادة المخاطر في القطاع المصرفي في ظل العولمة المالية إلى العوامل الآتية:
    -زيادة الضغوط التنافسية مما أدى لتشجيع الميل إلى المخاطرة لتحقيق أقصى عائد على رأس المال المستثمر و كسب أكبر حصة ممكنة في السوق.
    -اتساع أعمال البنوك خارج الميزانية و تحولها من الأعمال التقليدية إلى أسواق المال مما أدى إلى تعرضها إلى أزمات السيولة بالإضافة إلى مخاطر السوق الأخرى و التضخم و تقلبات الأسعار.
    -التغيرات الهيكلية التي شهدتها الأسواق المصرفية و المالية في السنوات الأخيرة نتيجة التحرر من القيود على حركة رؤوس الأموال و انفتاح الأسواق المحلية.
    تزايدت المخاطر بأشكالها المتنوعة التي تواجه عمل البنوك لتضم العديد من أنواع المخاطر التي لم تكن محل اهتمام من قبل.
    علاقة التحرير المصرفي بتفاقم الأزمات المالية
    نظراً للأهمية الكبرى للجهاز المصرفي و جب تكييفه مع كل المتغيرات و الظروف خاصة مع الدخول إلى الاقتصاد الليبرالي الذي يستدعي رفع القيود الحكومية على نشاطاته لكن رفع القيود ضمن سياسة التحرير المصرفي، أدى إلى حدوث أزمات مصرفية ما فندت تصبب الأجهزة المصرفية في البلدان النامية و المتقدمة.
    تقوم سياسة التحرير المصرفي على الثقة الكاملة في الأسواق حيث يتم تحريرها من القيود الإدارية و بالتالي إعطاء لقوى السوق الجديد في العمل، و من جهة أخرى يعرف التحرير المصرفي من خلال 03 جوانب أساسية:
    -تحرير القطاع المالي المحلي: يشمل تحرير ثلاث متغيرات في تحرير سعر الفائدة عن طريق الحد من الرقابة المتمثلة في وضع سقوف عليا لأسعار الفائدة الدائنة و المدينة و تركها تتحدد في السوق بالانتقاء بين عارضي الأموال و الطلب عليها للاستثمار عن طريق الملاءة بين الاستهلاك و الإنفاق الاستثماري و بالتالي زيادة النمو الاقتصادي و يمكن لهذا أن يحدث إذا لم تثبت الأسعار عند حد معين و تحرير الائتمان (القروض) و هذا بالحد أولا من الرقابة في توجيه الائتمان إلى القطاعات ذات الأولوية و كذا من وضع سقوف عليا للقروض الممنوحة لباقي القطاعات الأخرى و أخيراً إلغاء الاحتياطات الإجبارية بالنسبة للبنوك و تحرير المنافسة البنكية بإلغاء و إزالة القيود و العراقيل التي تعيق إنشاء و عمل البنوك المحلية و الأجنبية و كذلك القيود المرتبطة باختصاص البنوك و المؤسسات المالية
    -تحرير الأسواق المالية: يتم بواسطة إزالة و إلغاء كافة القيود و العراقيل المفروضة ضد حيازة و امتلاك المستثمر الأجنبي للأوراق المالية للمنشآت و المؤسسات المحلية المسعرة في بورصة القيم المنقولة و الحد من إجبارية توظيف رأس المال و أقساط الاحتياطات و الأرباح و الفوائد.
    -تحرير رأس المال: يتضمن إلغاء الحواجز و العقبات و العراقيل التي تمنع البنوك و المنشآت المالية الأخرى من الاقتراض من الخارج و العمل على الحد من الرقابة المفروضة على سعر الصرف المطبق على الصفقات المرتبطة بالحساب الجاري و حساب رأس المال و تقليص الفجوة بين سعر الصرف الاسمي و الحقيقي و تحرير تدفقات رؤوس الأموال.
    علاقة التحرير المصرفي بالأزمات المصرفية
    بينت دراسات تجريبية أقيمت على عينة من الدول أصابتها الأزمات المصرفية أنها تنشأ في الغالب بفعل تطبيق سياسة التحرير المصرفي و من بين هذه الدراسات نذكر دراسة تجريبية قام بها (Kaminsky, Reinhart) تحت عنوان:
    " The twin crises : the causes of banking and balances of payment problems " 
    قدمت في شكل ورقة عمل لصندوق النقد الدولي على 20 دولة من آسيا و أمريكيا اللاتينية و أوروبا و الشرق الأوسط من فترة الستينات إلى غاية التسعينات النتائج التالية:
     -ندرة الأزمات المصرفية و المالية خلال الستينات و هذا بسبب الرقابة الشديدة المفروضة على الجهاز المصرفي
     -إثر ظهور موجات التحرير المالي في العالم تصاعدت بشدة الأزمات المصرفية و معظمها كانت ناجمة عن التحرير المالي
    المحور الثاني: تطور المخاطر المصرفية في إطار بيئة العمل الحديثة
    إن التغير الذي حصل في بيئة العمل المصرفية نتيجة العولمة المالية أدى إلى اختفاء العوائق و الحواجز القديمة التي حدت من نطاق عمليات مختلف المؤسسات حيث كان ذلك تغييرا جذريا و كليا في الصناعة المصرفية و ظهور مخاطر جديدة في هذه البيئة الحديثة و من أهم التطورات في العقدين الماضيين هي الانتقال من الصيرفة التقليدية إلى الصيرفة الالكترونية العمليات خارج الميزانية ظهور أدوات مادية جديدة من المشقات المالية حيث تنطوي كل تعامل فيها على مخاطر مرتفعة مقارنة بمزاياها.
    الصيرفة الالكترونية و تطورها
    يقصد بالصيرفة الالكترونية إجراء العمليات المصرفية بطرق الكترونية باستخدام تكنولوجيات الإعلام و الاتصال الجديد (الانترنت) سواء تعلق الأمر بالسحب أو بالدفع أو بالائتمان أو بالتحويل أو بالتعامل في الأوراق المالية أو غير ذلك من أعمال المصارف في ظل هذا النمط من الصيرفة لا يكون العميل مضطرا للتنقل إلى البنك إذ يمكنه القيام ببعض العمليات مع مصرفة بواسطة الانترنت من أي مكان و هذا يعني تجاوز بعد المكان و الزمان و من هنا نستطيع أن نقول أن عالم الوساطة المالية عرف تحولا نوعيا غير من أبعاد و أهداف استراتيجيات المصاريف في السنوات القليلة الأخيرة و كان ذلك نتيجة منطقية لثورة التكنولوجيات الجديدة في الإعلام و الاتصال و عولمة الأسواق المالية و المصرفية(1).
    -لقد ظهرت الصيرفة الالكترونية بظهور النقد الالكتروني مع بداية الثمانينات حيث برز مفهوم Monétique و تعني مجموع الوسائل المعلوماتية و الالكترونية المستخدمة في التحويلات المصرفية بطريقة آلية و لقد ظهر أول بنك افتراضي في الولايات المتحدة الأمريكية ليتلاحق بروز مصاريف من نفس النمط و بصورة متسارعة في مناطق أخرى من العالم خاصة و أن تسيير الزبون الافتراضي أقل تكلفة من تسيير الزبون التقليدي
    العمليات خارج الميزانية: هل تؤدي إلى زياد ة المخاطر أم إلى تخفيضها؟
    تمثل العمليات خارج الميزانية مجموعة من الحسابات ملحقة بالميزانية باعتبارها لا تقيد في هذه الأخيرة غير الديون المثبتة و الذمم
    مفهوم و أنواع العمليات خارج الميزانية
    يجمع خارج الميزانية كل العمليات التي تحقيقها مؤجل بالمستقبل و بذلك تمثل الخصوم المحتملة فهي محتملة لأنها مرتبطة بالتزام أو تحقيق شرط غير مؤثر خارج إدارة البنك و بالتالي هي عمليات تنطوي على خطر كبير و تضم عدة أنواع في ذكر منها:
    - الخصوم المحتملة: و هي تعهدات بالتوقيع المعطاة من البنك لصالح زبائنه في شكل كفالات عقارية أو جمركية أو ضريبية، سندات مكفولة و اعتمادات مستندية. و هي ترتبط بالضمانات المقدمة من البنوك و التي تتعهد فيها بتحمل التزامات الغير ، هذه الضمانات هي ضمانات احتياطي و ضمان كفالة كأن تتعهد البنوك بتسديد عند تاريخ الاستحقاق سفتجه عن طريق القبول و التظهير إذا لم يف الزبون بذلك، و أيضا نجد من الخصوم المحتملة الاعتماد المستندي و هو نوع من القروض البنكية مهيئة للتجارة الخارجية حيث أن البنك الذي يفتح الاعتماد و يلتزم لحساب زبونه – المستورد – بالدفع للمصدر الأجنبي مقابل استلام وثائق تبين أن البضاعة قد أرسلت و تدل على تمويل ملكيتها
    - الالتزامات بحد ذاتها: نجد فتح قروض مؤكدة و هي وعد البنك لمنح قروض لزبونه بشروط معينة، و يضم القرض إلى ميزانية البنك عند ما يريد استعماله كذلك نجد سهولة إصدار السندات و هي تقنيات جديدة ترافق إصدار السندات قصيرة الأجل للزبون مثل شهادات الإيداع و يلتزم البنك بشراء هذه السندات إذا لم يوجد من يشريها أو يقوم بفتح قرض لزبونه
    - العمليات المتعلقة بتغير نسب الفائدة و سعر الصرف: و هي تلك العمليات التي يقوم بها المتعاملون على أساس توقعات تغيير الفائدة و سعر الصرف لمؤشرات البورصة و هي نوعان من العمليات عملية المضاربة و عمليات التغطية
    مخاطر العمليات خارج الميزانية
    تعتبر غاية العمليات المصرفية خارج الميزانية كأي عملية مصرفية أخرى هي تحقيق مردودية كبيرة و باعتبار أن عمليات الاستثمار مرتبطة بالمستقبل فهي تنتج عنها مخاطر، إذ أن الحصول على نتائج تفوت أو تقل عن ما كان متوقعا و هذا التباين يرجع إلى عدة عوامل منها التغيرات في مستويات الأسعار مما يؤثر على تقدير التكاليف و الإيرادات، وضعية المؤسسة اتجاه المنافسة و ظهور قوانين جديدة و تطور التكنولوجيات...
    و عموما تتعرض البنوك في إطار العمليات خارج الميزانية إلى المخاطر التالية:
    -خطر السيولة: عدم مقدرة على تحقيق مستحقاتها بالنسبة للبنك و هو خطر اللجوء إلى إعادة التمويل.
    -خطر القرض: هو خطر ناتج عن التزام البنك بتمويل زبون يصبح بعد ذلك غير قادر على التسديد.
    -خطر سعر الفائدة و الصرف: ينجم عن التغيرات الحادة في أسعار الصرف و الفائدة في المستقبل
    المشتقات المالية و المخاطر الناجمة عن التعامل بها
    هناك العديد من تعاريف المشتقات المالية، لعل أهمها:
    - المشقات المالية هي عبارة عن عقود مالية تتعلق ببنود خارج الميزانية و تتحدد قيمتها بقيمة واحدة أو أكثر من الموجودات أو الأدوات أو المؤشرات الأساسية المرتبطة بها
    و يعرفها بنك التسويات الدولية على أنها: " عقود تتوقف قيمتها على أساس الأصول المالية محل التعاقد و لكنها لا تقضي أو تتطلب استثمار في هذه الأصول ، و تعقد بين طرفين على تبادل المدفوعات على أساس أسعار أو الفوائد، فان أي انتقال لملكية الأصل محل التعاقد التدفقات النقدية يصبح أمرا غير ضروري".
    تتضمن المشتقات المالية أربعة أنواع و التي تعتبر أهم و الأكثر انتشارا هي:
     عقود الخيار: هو عقدين مشتري و بائع يعطي للمشتري حقا في أن يبيع أو أن يشتري أصلا معنيا بسعر محدد سلفا خلال فترة زمنية معينة محددة مسبقا و يلتزم البائع بمقتضى هذا العقد بتنفيذ إذا ما طلب إليه ذلك و ذلك بشراء أو بيع الأصل محل التعاقد بالسعر المتفق عليه بينما يمارس الشاري حقه في تنفيذ العقد أو فسخه دون أي التزام من جانبه اتجاه الطرف الآخر ، هذا التعريف يخص " ستيف كرول " و يقسم هذه العقود إلى عقد خيار البيع و عقد خيار الشراء(
     العقود الآجلة: هو عقد بين طرفين أساسين أما لبيع أو شراء أصل معين بسعر محدد وفي تاريخ محدد في المستقبل، و تعطي هذه العقود الحق للمشتري الحق في شراء أو بيع أصل مالي عيني بسعر محدد مسبقا بحيث يتم تداول هذه العقود في تاريخ لاحق ،مثل عقود التصدير و الاستيراد و يتم تداول هذه العقود في البورصة بصورة واسعة كما أن البنوك و المستثمرون يستعملونها لتجنب التعرض للمخاطر من تقلبات أسعار الصرف في مجال الاستثمارات(
     العقود المستقبلية: هي عقود تنتج لأحد أطراف العقد شراء / بيع أصل معين إلى طرف آخر بسعر محدد متفق عليه مسبقا بالسعر المستقبلي على أن يتم التسليم أو تنفيذ الاتفاق في تاريخ لاحق هو تاريخ استحقاق العقد. يلتزم كل طرف من أطراف التعاقد بإيداع نسبة (هامش مبدئي) لدى بيت السمسرة في شكل نقود أو أرواق مالية لهدف الحماية من مخاطر التغير مثل حالات تغير العائد على الودائع أو سعر العملة مثلا هي عقود يتم الاتفاق عليها وفقا لكل صفقة على حدة و هي واجبة التنفيذ على عكس عقود الخيار(
     عمليات المقايضة: تعبر عن اتفاق بين طرفين على تبادل قدر معين من الأصول المالية أو العينية في الحاضر على أن يتم التبادل العكسي للأصل في تاريخ لاحق محدد مسبقا و من أهم هذه العقود، عقود معدلات العائد و العملات(
    كما أن هناك عقود أخرى تتعلق بتثبيت أسعار الفائدة و تستأثر بعملياتها السوق غير الرسمية و من ثم يتم تفصيلها حسب احتياجات المؤسسة الراغبة في التحوط من مخاطر أسعار الفائدة ، هي عقود الحد للفائدة و يطلق عليها أيضا اتفاقيات السقوف ، و عقد الحد الأدنى للفائدة و يطلق عليها أيضا عقود القاع، و أخير عقود الطوق
    يمكن تناول أنواع المشتقات المالية في المخطط التالي في الورقة الموالية:
    شجرة المشتقات المالية
    المصدر: د. سمير عبد الحميد رضوان، " مرجع سبق ذكره ، ص143.
    مزايا المشتقات المالية: تستخدم المشتقات المالية لغرضين هامين هما:
    - تغطية مخاطر قائمة: و هي وسيلة لتحجيم المخاطر أو إدارتها حيث تنتقل المخاطر من المستفيدين لدفع تكلفتها لغرض تفاديها إلى الراغبين لحملها مقابل مكافأة مالية محتملة
    - المضاربة: بغرض تحقيق عائد مادي من خلال التعامل بها
    تشير إحصائيات بنك التسويات الدولية إلى أن حجم التعامل بالمشتقات المالية على اختلاف أنواعها قد شهد نموا مضطربا خلال السنوات الأخيرة، حيث زاد حجم التداول من 1.1 تريليون دولار سنة 1986 ليصل إلى 45 تريليون دولار في نهاية سنة 1994 إلى 330 تريليون نهاية 2006. و تشير إحصائيات البنك المركزي البريطاني إلى أن هذه التجارة تشكل نحو ثلثي حجم التجارة العالمية بالسلع و الأدوات المالية على حد سواء، أن هذه الحصة أخذت في التزايد عاما بعد عام حيث ظهرت في بداية السبعينات و تصاعد حجم التعامل بها تدريجيا خلال الثمانينات ثم زاد بشكل كبير و غير مسبوق خلال التسعينات نتيجة زيادة المخاطر و اتساع الأسواق المالية نتيجة التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات أيضا نتيجة التوجهات الاقتصادية التي سادت العالم مثل الخصخصة و التحرر من القيود المفروضة على رؤوس الأموال بين الأسواق المالية العالمية
    المخاطر المترتبة عن التعامل في المشقات المالية
    تستمد المشتقات المالية ميزتها عن باقي الأدوات الاستثمارية الأخرى و من ثم خطورتها في عدم استلزامها دفع قيمة الاستثمار بالكامل في وقت إنشائه معتمدة في ذلك على فكرة الهامش بمعنى استخدام عامل الدفع في النشاط الاستثماري أو توظيف مبلغ صغير لتحقيق استثمار ذي قيمة مرتفعة.
    بدأ استخدامها في الأساس كأداة لتغطية بعض المراكز و التعامل في العملات و لكنها تحولت بعد ذلك إلى أدوات استثمار يشتد الطلب عليها في ذاتها و استمر التوسع في تداولها في البورصات العالمية بهدف المضاربة و تحقيق الربح في الفترة القصيرة و عليه فبدلا من قيامها بالدور الأساسي و هو تقليل المخاطر أدت إلى زيادتها
    و لذلك فان مخاطر المشتقات المالية يمكن أن تكون على الشكل التالي:
    - مخاطر السوق: و ذلك نتيجة للسلوك السعري للأصول محل التعاقد.
    - مخاطر الائتمان: تتمثل في المشاركة الناشئة عن تعثر الطرف المقابل في الوفاء بالتزاماته التي يتضمنها العقد.
    - مخاطر التسوية: تنشأ نتيجة لأن المشقات المالية تنفذ عملياتها في تاريخ مستقبلي و قد يتعرض أحد الأطراف لخسائر كبيرة مما يجعله لا يستطيع التسوية في تاريخ الاستحقاق.
    - مخاطر تشغيلية: نتيجة لعدم كفاءة نظم الرقابة و إخفاق الإدارة في وضع الترتيبات الفنية في عمالة و تجهيزات التعامل في المشقات.
    - مخاطر قانونية: نتيجة لعدم القدرة على تنفيذ العقود
    بسبب التوسع في عمليات المشتقات تعرض كثير من المؤسسات المصرفية لخسائر مالية و منها البنك الانجليزي بيرينجذ الذي وصل حجم خسائره إلى 1.5 مليار دولار و بنك كيدر بيبودى الأمريكي الذي قدرت خسائره بنحو 4 ملايين دولار في سنة 1994 ، ومؤسسة سوميتو اليابانية التي خسرت 1.8 مليون دولار ما مقداره 1.5 مليار من جراء الاتجار و التداول بعقود أسعار الصرف في عام 1994.
    و بناءا على كل ما سبق ذكره يهتم بنك التسوية الدولية اهتماما بالغا بدراسة المخاطر الناشئة عن الأنشطة المالية التي تقع خارج العمليات المصرفية التقليدية ووضع ضوابط لازمة لتفاديها
    ظاهرة غسيل الأموال و علاقتها بتسيير البنوك
    تعتبر ظاهرة تبييض الأموال من مظاهر الجريمة المنظمة التي تتضمن على العموم الفساد المالي و الإداري في المؤسسات الاقتصادية و المالية ، و قد تفاقمت هذه الظاهرة في السنوات الأخيرة تبعا للعولمة المالية و قد أصبحت خطرا يهدد أمن واستقرار الجهاز المصرفي كغيرها من المخاطر التي تفاقمت اثر ما أصبح يعرف بالتحرير المالي. هناك الكثير من التعاريف الواردة في هذا الشأن و سعيا إلى فهم هذه الظاهرة ارتأينا أخذ عينة كانت أكثر تعبيرا:
    -"يقصد بغسيل الأموال كل معاملة مصرفية هدفها إخفاء أو تغيير هوية أو منبع أو أواصل الأموال المحصل عليها بأساليب التعتيم حتى تظهر و كأنها من مصادر مشروعة".
    -"غسيل الأموال هي كل الإجراءات المتبعة لتغيير صفة الأموال التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة حتى تظهر و كأنها نشأت من مصدر مشروع و قانوني "
    و لتبييض الأموال أسباب و دوافع عديدة نذكر منها على سبيل المثال:
    -انتشار التهرب الضريبي و تفشي ظاهرة الديون المتعثرة التي تخفي في طياتها ما يعرف بالقروض المتعثرة و هي المرآة العاكسة للفساد و الرشوة و سرقة الأموال العمومية.
    -الفساد السياسي و الإداري و ما ينجم عنها من لا استقرار في التوازنات الاقتصادية الكبرى.
    -القواعد الاحترازية الخفية من خلال البحث عن الأمن و اكتساب الشرعية و الأمان خشية المصادرة أو التجميد للأموال المراد تبييضها
    - التسابق بين البنوك لجذب المزيد من الأموال و اكتساب العملاء وزيادة معدلات الأرباح من خلال قروض أسعار الفائدة الدائنة و كذلك الصرف الأجنبي و كل ما يرتبط بالعولمة و المنافسة غير الشريفة بين البنوك
    -الثغرات الواردة في تشريعات العمل و النقد و الصرف و الاستيراد و التصدير في ظل تحرير المالي.
    و يجدر الإشارة إلى إن جريمة غسيل الأموال ترتب عنها أثار يجب الإشارة إليها:
    • ضرب و زعزعة الاقتصاد الوطني و الدولي و خاصة ما يعرف بالاقتصاد الرسمي من طرف الاقتصاد الموازي.
    • تذبذبات و هزات في الأسواق المالية و خاصة الناشئة منها مع انعكاس ذلك على أسعار الأسهم و السندات في الأسواق المالية و بعدها انهيار النظام المالي
    • الثراء الفاحش دون زيادة الموارد الإنتاجية أو الفعالية في خلق القيمة المضافة
    علاقة تبييض الأموال بتسيير البنوك: تؤثر نوعية الإدارة البنكية على نتائج أعماله و يكون هنا التأثير ناجما عن مدى ارتباط الإدارة البنكية بالإدارة العلمية وخاصة منهج فعالية الإدارة بالأهداف في البنوك من حيث مبادئها و مقوماتها بحيث أن هذا الارتباط هو الذي يوضح مدى الارتجالية و العشوائية و الرداءة أو الجودة و الفعالية، و من هذا المنطلق فقد نجد أن هناك تزايد في تبييض الأموال دون أن يتفطن له المسير المصرفي، خاصة إذا لم يكن مدعما بتكوين بنكي مقبول لأن إدارة إدارة البنوك تعني تخطيط و التنظيم و التوجيه و المتابعة و أن غياب هذه العناصر يزيد في تزييف الحقائق و استنباط الأكاذيب و هدر الكفاءات و إدمان و ظهور البطانات السيئة و العصب المخربة التي لا تعترف إلا بالماديات على حساب الإبداع في العمل و الثقة التي وضعها فيهم جمهور المتعاملين مع البنك و تبعا لهذا تحدث انعكاسات تبرز عبر سوء الإدارة البنكية و من أهم أشكال التسبب و اللامبالاة نذكر ما يلي:
    -سوء الإدارة الفنية الائتمانية: حيث توضع سياسات بنكية سيئة بعيدة عن معايير مضبوطة و دقيقة داخلية لتسيير عمليات منح القروض و إدارة محافظ القروض البنكية مع غياب الدراسات المتعلقة بالائتمان و من عناصر سوء التسيير البنكي نشير إلى عدم وجود نظام عمل ثابت و مستقر.
    -سيطرة اليأس و الإحباط الإداري و إفشاء الأسرار البنكية: أن الرشوة هي السلاح الفعال الذي يستخدمه أصحاب الأموال المراد غسيلها و تبييضها.
    المحور الثالث: نظام التأمين على الودائع و أهميته في منهج الإصلاح المصرفي
    كان من أهم ما ترتب على الكساد العالمي الكبير في الثلاثينات أن واجهت الكثير من البنوك التجارية أزمات السيولة التي أدت إلى إفلاس الكثير من هذه البنوك في الدول المتقدمة و خاصة الولايات المتحدة الأمريكية، و من هنا ظهرت فكرة التأمين على الودائع خاصة في تلك الدول التي يعمل فيها النظام المصرفي للبنوك التجارية بآليات السوق و الحرية الاقتصادية و الملكية الخاصة
    التطور التاريخي لنظام التأمين على الودائع
    تعتبر هذه النظم حديثة نسبيا حيث تعتبر تشكسلوفاكيا سابقا أول دولة أنشأت نظام متطوراً لحماية الودائع و القروض على المستوى الوطني عام 1924 ، أما في العالم العربي تعتبر لبنان الدولة الأولى التي اهتمت بإنشاء نظام لحماية المودعين.
    لقد قامت تشكسلوفاكيا بإنشاء صندوقين في ذلك الوقت، أحدهما صندوق الضمان الخاص لمساعدة البنوك على استعادة خسائرها الناجمة عن الحرب العالمية الأولى، و الآخر صندوق الضمان العام لتأمين الودائع لتشجيع الادخار بهدف زيادة درجة سلامة الودائع، و مساعدة المصارف لتتطور على أحسن وجه ممكن و كانت وزارة المالية هي التي تدير هذه الأموال بالتشاور مع ممثلي البنوك. كما ظهر في الولايات المتحدة الأمريكية نظام التأمين على الودائع سنة 1829، إلا أنه لم يتم المصادقة عليه من طرف الكونغرس إلى عام 1933 و بموجبه تم إنشاء المؤسسة الفيدرالية للتأمين على الودائع عام 1934. و لقد مضت فترة طويلة على إنشاء المؤسسة الفيدرالية لضمان الودائع قبل أن تنشئ بلدان أخرى مؤسسات متشابهة لكن عندما أقامت تركيا صندوق تصفية المصارف عام 1960 حذت حذوها بلدان عدة فأنشأت ألمانيا عام 1974 صندوق لحماية المودعين بعد انهيار بنك هير شتات بسبب عجز البنك الفيدرالي على احتواء أثار الفشل الحالي للبنك، أما في بريطانيا أدى حدوث أزمات مصرفية حادة مع بداية السبعينات إلى إنشاء نظام حماية المدعين سنة 1979 ، و أنشأت ايطاليا في الثمانيات نظام للودائع ثلثها فرنسا في سنة 1985.
    عقب انهيار البنك السعودي الفرنسي، و فيما يخص لبنان تعتبر لبنان أول دولة اهتمت بإنشاء نظام لحماية الودائع بعد انهيار بنك انترا الذي اعتبر من أكبر المؤسسات المصرفية في ذلك الوقت حيث كان إنشاء المؤسسة الوطنية لضمان الودائع سنة 1967 أول مبادرة في هذا المجال
    مفهوم نظام التأمين على الودائع
    ينصرف مفهوم نظام التأمين على الودائع إلى حماية ودائع العملاء عن طريق تعويضهم كليا أو جزئيا من خلال مساهمات البنوك المشتركة عادة في صندوق التأمين على الودائع إذا ما تعرضت الودائع للخطر نتيجة تعثر البنك المودعة لديه و توقفه عن الدفع يمول هذا الصندوق بموجب رسوم أو اشتراكات أو مساهمات تلتزم البنوك العضوة بسدادها الأمر الذي يؤدي إلى تعزيز الثقة في الجهاز المصرفي و عدم ترك هذه الثقة للصدفة أو للظروف الطارئة.
    عموما فان مفهوم التأمين على الودائع يتسع و يضيق طبقا للدور المنوط بمؤسسات التأمين على الودائع التي تحقق في النهاية الهدفين التاليين:
    -زيادة الثقة في المؤسسات المالية و النظام المالي ككل و بالتالي تحقيق الاستقرار لهذه المؤسسات ، حيث يقوم الجهاز المصرفي في معظم الدول بدور رئيسي في الوساطة المالية ، و باعتبار أن الودائع المصرفية قصيرة الأجل من الصعب تحويل مقابلها إلى نقد في وقت قصير ، فمن الضروري مساعدة البنوك التي تواجه أزمة سيولة مالية، و منه فان هدف التأمين من وجهة نظر السلطات النقدية يتمثل في تحقيق الاستقرار للمؤسسات المالية على النحو الذي يكفل زيادة الثقة في النظام المالي و بالتالي الحد أو تفادي المشاكل التي تنتج إعسار البنوك.
    -زيادة المنافسة بين البنوك على جذب الودائع و تقديم خدمات مصرفية أفضل ، فضلا عما يكفله من المساواة في المنافسة بينها على مختلف أحجامها ، ففي حالة عدم وجود هذا النظام تعتبر البنوك هي الأكثر أمانا من البنوك الأخرى ، أما في ظل وجوده تقل نسب الفروق بين مجموعات البنوك لاسيما من ناحية المخاطر التي يتعرض لها المودع الصغير.
    من خلال التعرض لمفهوم التأمين على الودائع تظهر عدد من الملاحظات المرتبطة به تتمثل فيما يلي:
    -إذا اقتصر النظام على حماية صغار المودعين فهو في هذه الحالة يلعب دورا تأمينيا، أما إذا اعتمد ذلك على مساندة البنوك في أوقات الأزمات المصرفية فدوره في هذه الحالة تكافلي.
    -تكلفة التأمين لدى النظام المتمثلة في أقساط الاشتراكات كتكلفة مباشرة التي تلتزم البنوك بسدادها في الحقيقة يتقاسم عبئها كل من مساهمي البنك و المودعون فالمساهمون يتحملون عبئها في شكل عائد أقل على رأس مالهم، و المودعون في شكل فائدة أقل على ودائعهم ، و المقترضون في شكل سعر فائدة مدينة على قروضهم هذا بخلاف التكلفة غير المباشرة للآخذ بنظام التأمين التي يتحملوها أيضا و المتمثلة فيما يفرض على البنك من تكلفة إضافية ما يشرطه النظام من تنظيم و إشراف و فحص لعمليات البنك ضمانا لسلامة و متانة مركزه المالي.
    -بالنسبة للاقتصاد الوطني التكلفة الحقيقية لإنشاء صندوق التأمين على الودائع لا تتعدى تكلفة إدارة هذا الصندوق بمعنى آخر الموارد الحقيقية البديلة التي تخصص لإدارة الصندوق حيث أن التكاليف المالية في حالة تعويض المودعين ما هي إلا توزيع الدخل بين فئات المجتمع.
    و بشكل عام يمكن القول أنه بالإمكان تحسين الكفاءة الاقتصادية نتيجة للثقة الزائدة و التخفيف من ظروف عدم التأثر لدى أفراد المجتمع.
    دور نظام التأمين على البنوك التجارية
    يتضح لنا دور نظام التأمين على الودائع من خلال دورين: الأول وقائي و الثاني علاجي، فيما يلي تفصيل ذلك:
    الدور الوقائي لأنظمة التأمين على الودائع
    معظم تشريعات أنظمة التأمين على الودائع تتوخى الحماية الوقائية و ليس العلاجية أي أنها تهدف إلى حماية أموال المودعين من خلال الرقابة على البنوك قبل وصول البنك مرحلة التوقف عن الدفع. إلا أن هذا الدور الوقائي يتفاوت من بلد إلى آخر ، فمثلا في السودان أعطى القانون للصندوق سلطة جمع البيانات و المعلومات و التقارير على البنوك مباشرة أو عن طريق بنك السودان مع صلاحية إجراء مراجعة خاصة لأي بنك أو تفتيش دفاتره بواسطة بنك السودان من اجل التأكد من السلامة المالية لأي بنك كما أن هناك آلية للتنسيق المستمر بين الصندوق و بين السودان في هذا المجال، على العكس ففي البحرين لم يمنح القانون أي سلطات أو صلاحيات رقابية لنظام التأمين و نفس الحال في كل من مصر و فرنسا و ألمانيا أما في الأردن فان القانون منح مؤسسة الضمان بعض الأدوار الجوارية للرقابة الوقائية.
    -تستعين أنظمة التأمين على الودائع بعدة وسائل و أساليب لهذا الدور الوقائي ، إذا تضع عددا من الضوابط يشترط توافرها لانضمام البنك للنظام كما يخضع البنك المنظم لعدد من المعايير التي تكفل متانة مركزه المالي و توافر السيولة لديه ، و لقد تنامي دور هذه الأنظمة إلى الحد الذي وصل إلى تدخلها لدى البنوك الضعيفة لمنعها من عرض أسعار فائدة مرتفعة لإغراء مزيد من العملاء(2).
    الدور العلاجي لنظام التأمين على الودائع
    يلاحظ أنه هناك العديد من المشكلات المصرفية التي تكون إحداها أو كلها سببا في إفلاس بنك أو إعساره و للوقوف على دور نظام التأمين على الودائع في معالجة المشكلات المصرفية يجب عرض تلك المشكلات و الدور المنوط بتلك النظم لمعالجتها:
    1-مشكلات الائتمان الرديء: تعد مشكلة الائتمان الرديء من أصعب المشاكل التي تواجه البنوك و هي ببساطة أن تمنح البنك قروضاً لا يستطيع استعادتها و من باب أولى الفوائد المحصلة. قد ينشأ الائتمان الرديء إما لأسباب ترجع إلى البنك و قصوره في استيفاء الأساليب و النهج الائتمانية السليمة أو الأسباب ترجع إلى العميل و نشاطه و ما قد يتعرض إليه من مشاكل لأسباب اقتصادية عامة، و إزاء ذلك فإن نظام التأمين على الودائع يحدد نسبة من القروض إلى حقوق الملكية و الودائع، كما يعد نسبة من القروض للعميل الواحد بالنسبة لرأس مال البنك و رأس مال العميل، ضف إلى هذا تتدخل في تحديد نسب الديون المشكوك فيها و أخيرا تتدخل في مراجعة بعض القروض للتحقق من استيفاء البنك للسياسات و النهج و الدراسات الائتمانية السليمة و تتدخل في اختيار أو طلب تغيير مسؤولي الائتمان بالبنك إذا لم يتوفر فيهم المستوى الذي تراه مناسبا
    2-عجز السيولة: بالرغم أن بعض البنوك يتوفر لديه حجم مناسب من الودائع و حجم مناسب من القروض الجيدة و مع ذلك يعاني من عجز السيولة، إذا تتوقف سيولة المصرف على قدرة محفظة موجوداته المختلفة على التحول إلى نقد بسرعة و بدون خسارة عن تكلفة شرائها، عموما فانه كلما قصر آجل الموجودات كلما ازدادت سيولة المصرف، و على الجانب الآخر و هو جانب المطلوبات فكلما طال اجل المطلوبات كلما تحسنت سيولة المصرف و بقدر الضغوطات التي تفرضها المطلوبات قصيرة الأجل على مكونات محفظة موجودات بقدر ما تبدو أهمية الحفاظ على نسبة السيولة المناسبة.
    و نظرا لان أهم مطلوبات البنك في الودائع، فانه كلما قصر أجلها كلما زادت نسبة الودائع تحت الطلب إلى مجموع الودائع و بالتالي تدهورت سيولة المصرف، حيث تزداد تلك المطلوبات باعتبارها تحت الطلب ، و تعتبر مراقبة نسبة السيولة لدى المصارف من أهم انشغالات نظام التأمين على الودائع، إذ تعني مكونات هذه النسبة بالملاءة بين مكونات محفظة المصرف و أنواع الودائع الموجودة لديه مخاطر عجز السيولة بأقل قدر ممكن من التكلفة
    3-عدم كفاءة رأس المال: ترجع أهمية رأس المال إلى الوظائف الهامة التي تقوم بها و التي من أهمها امتصاص الخسائر الناتجة عن التشغيل و تدعيم ثقة المودعين و كذا ثقة السلطات الرقابية في قدرة البنك على مواجهة المشكلات فيدل رأس مال المصرف على درجة الملاءة التي يتمتع بها البنك و نظرا لأهمية كفاية رأس المال يضع النظام العديد من المعايير لقياسه و كفايته ، فعلى سبيل المثال يراقب نسبة رأس المال إلى كل من الودائع ، الموجودات و الموجودات ذات المخاطر و يتدخل في زيادة الاحتياطات و الأرباح المحتجزة ، زيادة على هذا نعرض أحيانا زيادة رأس المال عن طريق زيادة نقدية جديدة من المساهمين أو يفرض ذلك بتقديم قرض مساندة
    4-التركيز في أنشطة البنك سواء في مجال الودائع أو القرض: تشكل في كثير من الأحيان ظاهرة التركز لدى البنك عقبة كبيرة ، فإذا ما واجه عميل نشاط مما تتركز فيه عمليات البنك صعوبات أو إعسار و من ثم يتعين عدم تركز نسبة كبيرة من ودائع البنك في عميل أو عدد محدود من العملاء أو حتى يتركز داخل قطاع واحد من قطاعات النشاط، نفس الأمر بالنسبة للقروض، لذا يتم تدخل النظام في مراقبة قيام المصارف المنظمة له بتحقيق المربح المناسب من عملاء الودائع و القروض و توزيعهم على القطاعات المختلفة في الاقتصاد تفادي لتركز مخاطر البنك بتركيز عملياته في عميل أو قطاع اقتصادي معين.
    5-مشكلة ظهور الخسائر : ترجع الخسائر عموما إلى سوء الإدارة ، زيادة المصروفات أو نتيجة غش، اختلاس أو احتيال إلى غير ذلك ، و يتدخل النظام في هذا الصدد بإبداء الرأي في المديرين الرئيسيين للبنك أو أعضاء مجلس إدارته كما يراجع أحيانا الضوابط الفنية لبعض العمليات المصرفية كعمليات المضاربة على العملات و ذلك تلاقيا لمخاطر التدليس أو ضعف الأداء
    أثر أعمال النظام على مصادر و الاستخدامات الأموال في البنوك التجارية و العلاقة بين النظام و البنوك
    أولا: أثر الأعمال
    1-الآثار على مصادر الأموال:
    أ-الأثر على حقوق الملكية: تـؤدي أعمال النظام إلى زيادة ثقة العملاء و البنوك المحلية و المراسلين في البنوك، الأمر الذي ينعكس في شكل الزيادة في الودائع ، بالرغم من أن النظام ينطوي كما سبق الإشارة على فرض ضوابط على البنوك ، تتمثل في تحديد نسب تلتزم البنوك بتوخيها ، مثل النسبة بين حقوق الملكية و بين الودائع و النسبة بينها و بين الأصول الخطرة، حيث أن زيادة الودائع تستلزم بالضرورة زيادة مقابلة في حقوق الملكية، لتظل النسبة المفروضة قائمة و من جهة أخرى تتطلب زيادة الودائع زيادة في توظيفات البنك لتثمير الزيادة التي تطرأ في الأموال الواجب توظيفها نظرا لزيادة الودائع و هو ما يعنى ضرورة زيادة النسبة بين حقوق الملكية و بين الأصول الخطرة لما يكفل ضبط لسياسات الاستثمار و التوظيف في البنك دون مغالاة وفقا للأعراف المصرفية المعمول بها
    ب- الأثر على المستحق للبنوك: نتيجة لرسوخ الثقة و الاستقرار في البنوك وزيادة الودائع ، تزيد المعاملات المصرفية بين البنوك المحلية بعضها البعض، كما تزيد المعاملات مع البنوك الخارجية و ثم تزيد أرصدة المستحق للبنوك المحلية و تزيد التسهيلات الممنوحة للبنوك الخارجية و تستخدم البنوك جزءا من الودائع المتواجدة لديها في سداد ما قد يكون مستحقا عليها للبنوك الأخرى و للبنك المركزي(1).
    ج-الأثر على الودائع: نتيجة لاطمئنان المودعين على ودائعهم بصورها المختلفة(*) و ضمانهم استرداد ودائعهم المؤمن عليها إذا ما واجه أحد البنوك حالات من الإعسار تزيد الودائع سواء من كل القطاعات و الشرائح أو الودائع بالعملة المحلية أو الأجنبية.
    2-الأثر على استخدامات الأموال:
    أ-الأثر على الأصول السائلة: ترتبط الأرصدة السائلة بالخزائن البنك و الأرصدة لدى البنك المركزي بزيادة حجم الودائع، و تكون هذه الأرصدة في حدود نسبة نمطية معينة وفقا لحجم موارد البنك و تركيبها، غير أن حجم هذه الأرصدة السائلة سيفوق حجمها في الظروف العادية لكل البنك ليستطيع البنك الوفاء بالتزاماته قبل مودعيه و قيامه بالخدمات المصرفية الأخرى.
    ب-الأثر على المستحق على البنوك: يتشابه الأثر على هذا البند مع الأثر على بند المستحق للبنوك إذ أن زيادة الودائع بالعملة المحلية يترتب عليها زيادة في الودائع و القروض المتبادلة بين البنوك ، و من ثم زيادة في أرصدة المستحق على البنوك المحلية ، كما أن زيادة الودائع بالعملة الأجنبية من شأنها أن تزيد ودائع البنوك من طرف البنوك الخارجية و بالتالي زيادة أرصدة المستحق على البنوك الخارجية.
    ج-الأثر على محفضة الأوراق المالية و الاستثمارات: تزيد اثر الزيادة في حجم مصادر الأموال حجم توظيفات البنوك في الأوراق المالية و نشاطها في تسيير محافظ الأوراق المالية التي لديها و المساهمات في الشركات الجديدة ثم إعادة طرحها لأسهم هذه الشركات للتداول ، بالإضافة إلى إنشاء و دعم الشركات التي تعمل في مجال الأوراق المالية و كذا إنشاء صناديق الاستثمار كأساليب مستحدثة لإدارة الأموال خارج الميزانية، و إذا ما أتيح للبنوك التجارية التعامل في أوراق مالية حكومية مضمونة أو سندات يكون ذلك محفزا لتوظيف قدر من سيولتها في هذه الأوراق
    د-الأثر على محفظة القروض و السلفيات: تقوم البنوك ضمن توافر الأموال الناشئة عن الزيادة في حجم الودائع بتقديم القروض للعملاء الجيدين بعد الاطمئنان عن جدارتهم الائتمانية بدون ضمانات عينية و دون التضحية بقواعد منح الائتمان الجيد ، كما يصاحب قيام البنوك بتنشيط القروض قيامها بتنويع سلفياتها حسب هيكل العملاء و هو ما يؤدي إلى مزيد من توزيع المخاطر و تتوسع البنوك في مجال الائتمان الاستهلاكي بغرض تمويل شراء السلع المعمرة و التوسع في منح القروض لتمويل الوحدات السكنية، الإدارية و التجارية للعملاء و تتبنى البنوك سياسة تقوم على تنشيط الصادرات، ضف إلى ذلك تنشيط في مجال الإقراض لضمان أوراق مالية مما يرفع درجة سيولتها و يجعلها أكثر قابلية لصغار المستثمرين و ينسحب الأمر على التسليف بضمان الأوراق التجارية ، زيادة عليه يتسع المجال أمام البنوك نحو إنشاء الشركات العاملة في مجال تأجير الأصول لتقديم التمويل للعملاء الذي تتطلبه أنشطتهم ، باعتبار أن ذلك المجال يتطلب القيام بدراسات معمقة للأنشطة المطلوب تمويلها تأجيرا من حيث الملاءة و الجدوى الاقتصادية
    هـ-الأثر على الأصول الثابتة: تؤدي زيادة النشاط في معاملات البنوك إلى إدخال الأنظمة المستحدثة في مجال الاتصالات و المعلومات ، وزيادة كفاءة نظم معالجة البيانات و طرق حساب تكاليف و تسعير المنتجات المصرفية بما يكفل مزيدا من التسيير في تقديم الخدمات للعملاء و مزيدا من الدقة و السرعة في انجاز البنوك لأنشطتها ووظائفها المختلفة ، الذي يستلزم توافر أجهزة و عقارات مما يؤدي إلى زيادة حجم الأصول الثابتة.
    ثانيا: العلاقة بين أنظمة التأمين على الودائع و البنوك التجارية و المركزية(1)
    يتجلى من خلال ما تقدم إن للنظام علاقة بين البنوك المركزية من جهة و من جهة مقابلة مع البنوك التجارية، حيث تنشأ شبكة من التكافل و التعاون بين الجهاز المصرفي و البنك المركزي تلتقي خيوطها في صندوق التأمين على الودائع
    1-العلاقة مع البنوك المركزية: يقع على عاتق البنك المركزي مهمة المقرض الأخير فيقوم بإقراض أي بنك يواجه صعوبات لذا فان للبنك المركزي مصلحة أساسية في أنظمة التأمين على الودائع إذ أن هذا الأخير يخفف العبء الواقع على كاهل البنك المركزي، و يبدو أنه ليس هناك ازدواجية أو تداخل بين دور كل من النظام و البنك المركزي بل في دور كل منهما و لعل أوجه الاختلاف في مجال قيام كل منهما بإقراض أو دعم البنوك حيث أن أنظمة التأمين تقوم بتعويض المودعين عن ودائعهم طبقا لنظمها المختلفة عند إفلاس بنك، بينما لا يقوم البنك المركزي بهذا الدور أساساً، فضلا عن ذلك يقوم هذا الأخير بدور المقرض الأخير للبنوك لمساعدتها على تجاوز أزمة السيولة بضمان بعض أصولها بسعر الخصم، بيد أن النظام يقوم بهذا الدور بدون طلب ضمانات و بأسعار فائدة مدعمة بناءا على دراسة موقف البنك المتعثر و التأكد من أزمته الطارئة و انه من الأفضل مساعدته و عدم التخلي عنه ، باعتبار أن تكلفة رد الودائع بالنسبة للمودعين بالنسب المتفق عليها تكون غالبا أكبر من تكلفة مساعدة البنك.
    2-العلاقة مع البنوك التجارية: تتجلى العلاقة فيما بينها فيما يلي :
    -وجود قاسم بينهما يتمثل في تعبئة الأموال السنوية من البنوك لصالح النظام وفقا لمعايير و نسب محددة من ودائعها المصرفية من اجل رفع احتياطاتها النقدية لمواجهة الأزمات المصرفية التي قد ينجم عنها توقف بنك الدفع.
    -اشتراك ممثلين للمصاريف في إدارات مؤسسات التأمين التي تتعاطى أعمال الرقابة المصرفية
    -معالجة المشكلات التي تهدد البنك بالإفلاس هذه المعالجة أما معالجة وقائية عن طريق التحوط للمشكلات قبل وقوعها أو على الأقل التخفيف من حدتها.
    -تعزيز هيئة الرقابة على البنوك.
    أنواع المؤسسات التي يغطيها التأمين
    يغطي التأمين على الودائع في بعض الدول التجارية، في حين يغطي في دول أخرى مؤسسات الادخار و البنوك غير التجارية و كل مؤسسات قبول البنوك الودائع و ننوه في ذلك إلى نوع المؤسسات التي يشملها التأمين يتوقف على الغرض الذي تنشده الدولة من تطبيق النظام ، فإذا كان الغرض هو حماية صغار المودعين (كان القرض قصير) و تشجيع الادخار و ما إلى ذلك من أغراض يتعين أن تشمل الحماية كل المؤسسات التي تقبل الادخار، أما إذا كان القرض يقتصر على حماية نظام المدفوعات المحلي فانه من المنطقي أن يقتصر النظام على البنوك التي تقبل الإيداعات و المؤسسات المثلية ، نظرا لأنه إذا بدأ المدعون في السحب الشديد من أحد البنوك فان أثره سيمتد إلى سائر البنوك التي تقبل الإيداعات.
    الاعتبارات المهمة من أجل المواجهة الفعالة لمشاكل الإفلاس
    من أجل المواجهة الفعالة لمشاكل الإفلاس فور ظهورها و قبل استفحالها و بأقل قدر ممكن من التكاليف لابد من توفر اعتبارات أساسية هي:
    - نظام التأمين الودائع بين الخاص و العام
    - توفير التمويل الكافي.
    - حق الأولوية ( الأفضلية ) للمودعين
    - توفر المعلومات
    - تحسيس الجمهور
    - عناصر أخرى.
    أنظمة التأمين على الودائع في بعض الدول
    الدولـة تاريخ إنشاء نظام الضمان حجم التغطية تمويل النظام نسبة مساهمة المصارف من الودائع الودائع المستحقة التعويض إدارة النظام خاص أو عام
    كنــدا 1976 60.000 دولار كندي الودائع بالعملات الأجنبية غير مغطاة أقساط سنوية 0.33 % كل الودائع اتحاد المصارف التجارية
    اليابان 1979 10 مليون ين ياباني الودائع بالعملات الأجنبية غير مغطاة أقساط سنوية - ودائع الين اليباني شبه حكومي
    تركيا 1960 100 % أقساط سنوية 0.05 % كل الودائع حكومي
    الهند 1962 30.000 روبية أقساط سنوية - ودائع الروبية الهندية حكومي
    الأرجنتين 1979
    ثم تعديله
    سنة 1995 30.000 دولار أمريكي أقساط و مساهمات من البنك المركزي و المؤسسات المالية - كل الودائع حكومي
    لبنان 1967 5 مليون ليرة لبنانية و الودائع بالعملات الأجنبية غير مغطاة أقساط سنوية 0.05 % حكومي
    البحرين 1993 15 ألف دينار بحريني كحد اقصى أو ثلاثة أرباع القيمة الاجمالية للودائع مساهمات حسب حجم الودائع حسب الحالة حكومي
    المحور الرابع: الحوكمة في الجهاز المصرفي
    الحوكمة ـ أساسيات
    حددت منظمة التعاون الاقتصادي و التنمية تعريف لحوكمة الشركات بأنها ذلك النظام التي يتم من خلاله توجيه و إدارة شركة الأعمال، و يحدد هيكل الحوكمة الحقوق و المسؤوليات بين مختلف الأطراف ذات الصلة بنشاط الشركة، مثل مجلس الإدارة و المساهمين و غيرهم من أصحاب المصالح ، كما أنه يحدد قواعد اتخاذ القرارات المتعلقة بشؤون الشركة ، و من ثم يحدد الهيكل الذي يتم من خلاله وضع أهداف الشركة و وسائل تحقيقها و وسائل الرقابة و الأداء. أما من المنظور المصرفي ينبغي تطوير الهياكل الداخلية للبنوك ، كما يؤدي إلى تحقيق الشفافية في الأداء و تطوير مستوى الإدارة، و وفقا للجنة بازل فإنها ترى أن الحوكمة من المنظور المصرفي تتضمن الطريقة التي تدار بها المؤسسات المصرفية بواسطة مجالس إدارتها و الإدارة العليا في كيفية قيام المؤسسة بما يلي:
    -و ضع أهداف المؤسسة
    -إدارة العمليات اليومية للمؤسسة للكفاءة
    -مراعاة ذوي الشأن للمتعاملين مع المؤسسة بما فيهم الموظفين و العملاء و المساهمين
    -إدارة أنشطة المؤسسة و تعاملاتها بطريقة آمنة و سليمة وفقا للقوانين السارية و بما يحمي مصالح المودعين
    من ناحية أخرى أشار خبراء لجنة بازل إلى أهمية تنوع الخبرات في مجالس إدارات البنوك، و تحديد المسؤوليات لتقليل أي توجهات للفساد و ذلك على اعتبار أنها تفي الضغط على الفاسد بكل الطرق مع التأكيد على أهمية دور حملة الأسهم في مسألة الرقابة، لأنهم يمثلون الكيان صاحب المصلحة الأساسية في أي مؤسسة مالية كذلك فإنها تقي النظام الذي يبين العلاقات التي تحكم الأطراف مما يؤدي إلى النجاح من ناحية أخرى و حسب بازل دائما ،هناك أربعة أشكال هامة من الرقابة التي يجب أن يتضمنها الهيكل التنظيمي لأي بنك لضمان التطبيق السليم للحوكمة و هي الرقابة من خلال مجلس الإدارة أو المجلس الإشرافي، الرقابة عن طريق أشخاص ليس لهم صلة بالعمل اليومي في مجالات العمل المختلفة ، رقابة مباشرة على محالات العمل المختلفة بالبنك و وظائف مستقلة لإدارة المخاطر و المراجعة
    و إذا كان من اللجنة لأهمية التطبيق السليم للحوكمة في الجهاز المصرفي أشارت إلى بعض الاستراتيجيات و التقنيات اللازمة لتطبيقها بصورة سليمة داخل الجهاز المصرفي تتمثل أهمها في:
    - توافر دليل عمل و معايير لسلوك الملائم و نظام لقياس مدى الالتزام بهذه المعايير
    - توافر استراتيجيات واضحة للمؤسسة يتم على ضوءها قياس المنشأة ككل و مدى مساهمة الأفراد في هذا النجاح
    - التوزيع السليم للمسؤوليات و مراكز اتخاذ القرار متضمنا نظام مرمى لسلطات
    - الاعتماد المفرجة بداية من الأفراد مجلس الإدارة
    - وضع آلية للتعاون و التفاعل بين مجلس الإدارة العليا و مراجعي الحسابات
    - توافر نظم قوية للرقابة الداخلية، تتضمن وظائف المراجعة الداخلية و الخارجية و وظائف إدارة المخاطر
    - رقابة خاصة لمراكز المخاطر في المواقع التي يتصاعد فيها تضارب المصالح بما في ذلك علاقات العمل المقترضين المرتبطين بالبنك و كبار المساهمين و الإدارة العليا و متخذي القرارت الرئيسية في البنك.
    و لكي تحقق الاستراتيجيات أعلاه الهدف المنشود يجب أن تطبق وفق مبادئ الحوكمة التالية:
    - يجب أن يضمن إطار حوكمة البنوك حماية حقوق المساهمين و المساواة في معاملتهم .
    - أن يعترف إطار الحوكمة بحقوق ذوي الشأن و المصالح التي يتم إقرارها للقانون و تشجيع التعاون الفعال بينهم و بين البنك من أجل إنجاحه ، و خلق فرص العمل و ضمان استمرار قوة المركز المالي له .
    - يجب أن يتضمن إطار الحوكمة كذلك تحقيق الإفصاح و الشفافية في كافة الأمور الأساسية المختلفة المتعلقة بالبنك بما فيها الوضع المالي و الملكية و إدارة البنك يتطلب إطار الحوكمة وضع تخطيطي استراتيجي للبنك و المراقبة الفعالة لأداء الإدارة و التأكيد على مسؤولية مجلس الإدارة اتجاه البنك و المساهمين.
    إن تطبيق المبادئ السالفة الذكر تحقق للبنك مجموعة من الأهداف و كذلك للأطرف الأخرى و التي نحملها فيما يلي:
    - العدالة و الشفافية و حق المساءلة بما يسمح للبنك لكل ذي مصلحة مراجعة الإدارة بحماية المساهمون بصفة عامة سواء كانوا أقلية أو أغلبية و تعظيم عائدهم
    - منع المتاجرة بالسلطة في البنك
    - -مراعاة مصالح المودعين و تدفق الأموال المحلية و الدولية
    - ضمان وجود هياكل إدارية يمكن معها محاسبة إدارة البنك أمام مساهميها ، هو ضمان وجود الرقابة المستقلة ( من غير العاملين بالبنك) على المديرين و المحاسبين وصولا إلى قوائم مالية ختامية على أساس مبادئ عالية الجودة .
    - ضمان مراجعة الأداء وحسن استخدام أموال البنك و مدى الالتزام بالقانون و الإشراف على المسؤولية الاجتماعية للبنك على ضوء الحوكمة الرشيدة
    - إن لتطبيق مبدأ الحوكمة أهمية كبيرة حيث أصبحت درجة التزام البنوك بتطبيقها أحد المعايير التي يضعها المتعاملون و المستثمرون في اعتبارهم باتخاذ قرارات التوظيف أو الاستثمار، من ثم فان البنوك التي تقدم على تطبيق مبادئ الحوكمة تتمتع بميزة تنافسية لجذب رؤوس الأموال عن البنك التي لا تطبقها، و تزداد قدرتها على المنافسة في المدى الطويل بما تتمتع به البنوك من الشفافية في معاملاتها و في إجراءات المحاسبة و المراجعة المالية و في جميع عمليات البنوك ، بما يدعم الثقة من جانب المستثمرين سواء المحليين أو الدوليين ، و قد يؤدي ذلك إلى خفض تكلفة رأس المال مما يسفر عنه في النهاية تحقيق المزيد من الاستقرار لمصادر الإيداعات بالإضافة إلى ذلك يؤدي إلى تحسين إدارة البنك و مساعدة المدرين و مجلس الإدارة على تطوير إستراتجية سليمة للبنك أو الاستحواذ بناءا على أسس سليمة.
    معايير لجنة بازل لممارسة الحوكمة في البنك
    لقد اهتمت لجنة بازل كثيرا بتحديد و تباين أهمية الحوكمة و ذلك كون نبتي هذه الأخيرة يساعد على منع حدوث الأزمات المصرفية و في حالة تعرض البنوك للفشل فان الالتزام بتطبيق المعايير الآتية الذكر في الإفصاح عن المعلومات المتعلقة بديونها يساهم في إتباع إجراءات الإفلاس أو نزع الملكية تراعي العدالة للدائنين و غيرهم من أصحاب المصلحة و فيما يلي نوجز أهم المعايير التي حددتها لجنة بازل
     الإعلان عن الأهداف الإستراتيجية للجهاز المصرفي و للبنك و لتحديد مسؤوليات الإدارة(
     التأكد كن كفاءة أعضاء مجلس الإدارة و إدراكهم الكامل لمفهوم الحوكمة و عدم وجود أخطاء مقصرة من قبل الإدارة العليا(
     ضمان فاعلية دور المراقبين و إدراكهم لأهمية دورهم الرقابي(
     ضرورة توفر الشافية و الإفصاح في كافة أعمال و أنشطة البنك و الإدارة(
    العناصر الأساسية لتطبيق السليم للحوكمة في الجهاز المصرفي:
    يتطلب التطبيق السليم للحوكمة في الوحدات المصرفية لتحقيق أهدفها مجموعة من العناصر الأساسية نوجزها فيما يلي:
    • وضع أهداف إستراتيجية
    • وضع و تنفيذ سياسات واضحة للمسؤولية في البنك
    • ضمان كفاءة أعضاء مجلس الإدارة
    • ضمان توافر مراقبة ملائمة بواسطة الإدارة العليا.
    • الاستفادة الفعلية من العمل الذي يقوم به المراجعون الداخليون و الخارجيون
    • ضمان توافق نظم الحوافز مع أنظمة البنك
    • مراعاة الشفافية في تطبيق الحوكمة
    حوكمة البنوك السليمة أساس لتطبيق الحوكمة في الشركات
    تخضع البنوك لقدر كبير من التنظيمات و اللوائح و عادة ما تقوم الحكومات بفرض سلسلة من هذه التنظيمات على البنوك بسبب ما يمثله البنوك من مصدر جهاز للإيرادات المالية ، و طبعا فان العمليات المصرفية ليست الوحيدة التي تخضع لهذه القوانين و التنظيمات إذا انه الإضافة أن الحكومات تمتلك البنوك في كثير من الدول فهي تملك أنوعا أخرى من المنشآت ، و مع كل ذلك فانه حتى الدول التي يقل تدخلها في القطاعات الأخرى عادة ما تتجه الى فرض تنظيمات مكثفة على البنوك التجارية .
    و بالنظر إلى أهمية البنوك فان حوكمة هذه الأخير تحتل دورا مركزيا في الترويج لثقافة حوكمة الشركات ، و إذا ما قام مدراء البنوك بمراجعة أليات الحوكمة السليمة فسيكون هناك احتمال أكبر لتخصيص رأس مال بطريقة أكثر كفاءة و تطبيق حوكمة شركات فعالة على المنشأت التي يمولونها
    دور البنوك في تعزيز الحوكمة في الشركات
     أن المنافسة الكبيرة و الشديدة بين البنوك خلقت نوع من الثقافة و الوعي المصرفي لدى الجمهور و الشركات بحيث أصبح معيار الجودة هو أساس العلاقة هما مدى بالشركات لانتهاج الحوكمة السليمة التي تعتبر من المعايير الجوهرية للجودة.(
     تعتبر البنوك نماذج اقتداء لكل القطاعات الأخرى و الشركات كونها شركات مساهمة عامة تفصل بين مساهمي الشركة و مجلس إدارتها و الإدارة، من خلال تبنيها و تطبيقها لمبادئ و مفاهيم الحوكمة(
     تشكل البنوك إحدى أدوات التغيير الرئيسية في أي اقتصاد و لذلك باتجاهها نحو تبني الحوكمة تكون من خلال ذلك قد أرست قيم الحوكمة في أي قطاع و المتمثلة في الشفافية و العدالة و الإفصاح و المسؤولية بالمساءلة(
     -باعتبار البنوك المزود الرئيسي للتمويل فإنها تطبق الحوكمة للحفاظ على حقوق ذوي العلاقة خاصة المساهمين و المودعين و بناء عليه يتم تقييم الشركة طالبة الائتمان وفق و التزامها بمعايير و أسس الحوكمة(
    إن تعزيز الحوكمة و تحديثها في الشركات تحقق لها أكثر من ميزة نحوها فيما يلي:
    -وسيلة للوصل إلى كسب ثقة المستثمرين.
    -إن تبني مبادئ و قيم الحوكمة يقلل المخاطر.
    -فرص تمويل سهلة
    -تحفيز الموظفين و تحسين الأداء من خلال العدالة في التقييم و وضع الإنسان المناسب في المكان المناسب
    -اكتساب سمعة جيدة من خلال الشفافية و القابلية للمحاسبة.
    معوقات منح الائتمان من منظور الحوكمة
     ضعف الإدارة و الكفاءة لدى الشركات المساهمة الخصوصية(
     ضعف المعلومات و عدم وجود بيانات مالية و التي تحتاجها البنوك في قرارها لمنح الائتمان و إن وجدت فهي غير صحيحة و غير مدققة حسب الأصول(
     عدم استفاء بعض الشركات لشروط و متطلبات و احتياجات مراقب الشركات و التي تضمن استمرار عملها(
    تم طباعة هذه المقالة من موقع اليمن السعيد www.yemensaeed.com - رابط المقالة: : http://yemensaeed.com/art16221.html