أ. محمد الدبعي
الاثنين 18 فبراير 2019 الساعة 16:14
هزة قلم!البابا في أبو ظبي.. لماذا؟!
أ. محمد الدبعي

أسمع كلامك أصدقك.. أشوف أفعالك أستعجب!
يحاول من فقد رشده، أن يجمل وجهه القبيح، في بلد سجله حافل بانتهاك الحريات وحقوق الإنسان، وفي مقدمتها حرية الرأي والتعبير.

التضامن من القيم الإنسانية التي علينا تعزيزها في سبيل إحلال السلام العالمي.
وقد أعلنت الإمارات 2019 "عاما للتسامح" تسعى من خلاله إلى جعل الإمارة الخليجية "عاصمة عالمية للتسامح من خلال مجموعة من التشريعات والسياسات الهادفة إلى تعميق قيم التسامح والحوار وتقبل الآخر والانفتاح على الثقافات المختلفة خصوصا لدى الأجيال الجديدة بما تنعكس آثاره الإيجابية على المجتمع بصورة عامة"، حسب بيان صادر عن رئيس دولة الإمارات، خليفة بن زايد آل نهيان.

لا مجال للشك في أن الإنسانية بصفة عامة محتاجة جدا إلى هذا التعاون والتضامن، ويكون بين الأديان أكثر حاجة وأشد ضرورة، وأكثر إلحاحا، وهو ما دعا إليه القرآن الكريم صراحة في قوله تعالى:
"قل ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله. فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون!".
هذا نداء رباني من الله تعالى لأمة التوحيد إلى الحوار مع الآخر، مسيحيا كان أو يهوديا، فهم أهل الكتاب. فالأمر للمسلمين أن يدعوا إلى حوار إيماني عقدي.
تعالوا إلى كلمة سواء هي أن نقر ان لا معبود إلا الله وحده، ولا نشرك معه أحدا غيره، ولا نؤله ولا نتخذ أربابا من دونه سبحانه. فإن رفضوا وتمنعوا فهذا شأنهم وهم أحرار فيما يفكرون ويفعلون، لكن نقول لهم إشهدوا أننا أقمنا عليكم الحجة نحن المسلمون.

فهل ياترى هذا ماحدث في أبو ظبي؟؟؟
"إنه حدث تاريخي.. العيون كلها ستكون متجهة إلى أبوظبي لتصبح الإمارات نافذة للعالم".. بهذه الكلمات في قناة العربية وصف النائب الرسولي في منطقة الخليج العربي المطران بول هندر رحلة البابا فرنسيس إلى الإمارات في "عام التسامح".

ماذا قال البطريرك الراعي في طريقه إلى الإمارات؟
هذا المكان سيشهد أول قدّاس للبابا في الجزيرة العربية. إذا فالموضوع ليس موضوع حوار أديان وتسامح، بل  التعميد الرسمي والإفتتاح الكرنفالي لممارسة الديانة المسيحية في جزيرة العرب!

سئل الشيخ ابن باز رحمه الله: يقول الرسول صلى الله عليه وسلم : ( لا يجتمع في جزيرة العرب دينان ) لكننا نجد في معظم بلدان الجزيرة العربية وجودا كثيفا للعمالة غير الإسلامية وصل بها الأمر إلى حد بناء دور عبادة لها سواء النصارى أم الهندوس أم السِّيخ . ما الموقف الواجب على حكومات هذه البلدان؟
أجاب : " لقد صح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال : (لا يجتمع في الجزيرة دينان) وأمر أن لا يبقى فيها إلا مسلم، فهذا أمر ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وليس فيه شك.
والواجب على الحكام في السعودية وفي الخليج والجزيرة العربية أن ينفذوا هذه الوصية.

صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية في تقريرها سلطت الضوء على أهمية زيارة البابا فرنسيس التاريخية إلى الإمارات. فقد تحدّثت الصحيفة عن انخفاض أعداد المسيحيين في الشرق الأوسط إلى 4% بعدما كانوا يشكلون نسبة 20% قبل الحرب العالمية الأولى. وأن عدد المسيحيين في السعودية يقدر بـ1.4 مليون، مشيرة إلى أن المسيحيين باتوا يخشون تعرضهم للاضطهاد مع ازياد المتطرفين قوة في ظل النزاع المندلع في العام 2015. 
ولفتت الصحيفة إلى أن مئات آلاف المسيحيين غادروا البلاد عقب الغزو الأميركي في العام 2003، مضيفة بأن بعضهم غادر شمال العراق وسوريا مع بروز "داعش" في العام 2014. في ما يتعلق بمصر التي يشكل المسيحيون فيها نسبة 10% من أصل السكان، ذكرت الصحيفة بالاعتداءات الدموية التي شهدتها الكنائس والتي راح ضحيتها العشرات.
وعلى مستوى الأسباب الكامنة وراء الزيارة، قالت الصحيفة إن عدد المسيحيين يرتفع في البلدان الخليجية، بما فيها الإمارات، نتيجة لليد العاملة الأجنبية الآتية من الفيليبين والهند وغيرهما من البلدان الآسيوية، حيث يقدر عددهم ببضعة ملايين، وفي الإمارات يتخطى المليون، ما يعني أنّهم يشكلون نسبة 13% من السكان. 

الأهداف المعلنة التي ينوي البابا فرنسيس تحقيقها من زيارته إلى الإمارات وبعدها المغرب في شهر مارس القادم هي تعزيز التفاهم والعلاقات بين الأديان ومواصلة العمل مع القادة المسلمين أملاً في جعل الشرق الأوسط والعالم الإسلامي (السعودية والجزيرة العربية تحديدا) أكثر أماناً وترحيباً بالمسيحيين.

لماذا هذا التوقيت بالضبط؟؟؟!
ليس غريبا على المتصهين، المهرول للتطبيع مع الكيان المغتصب لأرض فلسطين أن يظهر علينا اليوم بصورة حامل لواء التسامح.
فعطار الإمارات الخبيث يحاول إصلاح ما أفسده دهرها، باستضافته لأول قداس في الخليج العربي، بحثا عن تسامح مفقود، وإنسانية مزعومة، ليبدو كأنه عراب ثقافة الحوار، وهو من قطع علاقات الجوار، وسحق أواصر الدم واللغة والدين مع قطر، حيث أنها تشكل رأس الحربة في هذا الحصار، وانتهك حقوق الإنسان، وقمع مواطنيه، وتورط في حروب خاسرة، وشارك في تدمير اليمن. فنظام أبوظبي أبعد عن الإنسانية وقيمها التي جاءت في وثيقة «الأخوة» التي وقعها البابا وشيخ الازهر.
شيخ الأزهر أحمد الطيب الذي ظهر علينا في التلفاز قبل أيام من الزيارة بثوب حامي حمى الإسلام والمدافع عن ثوابت العقيدة في وجه صلف السيسي. تلميع وتسويق يتبعه دناءة وانبطاح أمام البابا في أبوظبي.
تتحدث أبوظبي عن الإسلام، وأفعالها تناقض تعاليمه وتخدم أعداءه، ويتجلى ذلك بشكل واضح بدورها المشبوه في تمرير «صفقة القرن»والتآمر على المقدسات في القدس، من خلال تسريب العقارات إلى المستوطنين.

وهانحن اليوم وبعد أسبوع من زيارة البابا نجد الإمارات والسعودية تهرول إلى وارسو للاجتماع بالصهاينة والتوقيع على مشروع القرن الصهيوني وبيع القدس وفلسطين.
فلم يكن مؤتمر الاخوة والتسامح المزعوم إلا تمهيدا وبوابة إلى تسامح أكبر وأعظم وهو قلب طاولة التستر واللعب على المكشوف، وفتح غرف النوم العربية للصهاينة.