صالح حسن ابو عسر
الاربعاء 4 اكتوبر 2017 الساعة 20:11
مهما نكن في مختلف بقاع العالم إلا أننا نعيش تحت قمر واحد
صالح حسن ابو عسر

 

( اقتلوا المغول في اليوم الخامس عشر من الشهر الثامن ) .

هذه العبارة كُتبت على قصاصات الورق التي وُزِعت عليها( كعكة القمر ) في القرن الرابع عشر ، يقول الصينيون أن العبارة كانت رسالة سرية من زعيم الثوار حينها - تشو يوان تشانغ - يدعو فيها الصينيين للإطاحة بالمغول ....

إذاً فلكعكة القمر- التي أهدانا إياها الأصدقاء في هذا اليوم - بعدها الثوري أيضاً ،. 

الإحتفال بعيد القمر في الصين يمتد لأكثر من 3000 عام حسب ما يقوله الصينيون . 

يقام هذا الاحتفال في اليوم الخامس عشر من الشهر الثامن حسب التقويم الزراعي الصيني ، وهو ما يوافق يوم غد الخميس ويعتبر هذا العيد هو الأهم لدى الشعب الصيني بعد عيد الربيع . فالصينيون يحتفلون بالشمس في الربيع لكنهم في الخريف يحتفلون بالقمر . 

الليلة تعتبر الأهم من حيث الطقوس الاحتفالية فالقمر حسب اعتقادهم سيكون أكبر حجماً وأكثر تجلّياً في هذه الليلة ، 

أحضرُ طقوس الاحتفال مع أحد الأصدقاء الصينيين هنا حيث يجب الاحتفال بهذا العيد مع الأسرة كاملة - لهذا يسمى أيضاً بعيد ( لم الشمل ) - والأسرة الصينية بطبيعتها متماسكة رغم صغرها ،، يصنعون قمراً افتراضياً بطريقتهم ويوقدون حوله أعواد ذات رائحة رائعة يتشارك الجميع في إشعالها ، يُحضِّرون كعك القمر الذي أعدوه أو اشتروه لكي يتقاسمه الجميع تحت ضوء القمر . 

القمر الذي تدور حول الاحتفال به عشرات الأساطير -بدءً بالفتاة الجميلة التي سكنته وانتهاءً بالصياد الذي قنص تسع شموس وأسقطها وترك لنا شمساً واحدة وقمراً طارت إليه زوجته - يعتبر الآن رمزاً للحب وأيقونة للتعايش فالمثل الصيني يقول : 

( مهما نكن في مختلف بقاع العالم لكننا نعيش تحت قمر واحد ) 

استمتعنا بالمشاركة في الاحتفال ب عيد منتصف الخريف ( عيد القمر ) ، وتلقينا كعك القمر كقربان صداقة من الأصدقاء الصينيين بعد أن كان هذا الكعك قديماً يقدم كقرابين تَوسُل لإله القمر . 

حضر الوطن في وجداننا ونحن نرى الشعب الصيني يحتفل ب (عيد القمر )وهو يشعر بأن الماضي والحاضر والمستقبل جميعهم يقفون في صفه . 

فالحضارة الصينية والتراث الصيني موغلة في أعماق التاريخ ، والحاضر الصيني يفرض الصين كأحد أعظم دول الكوكب ، والمستقبل كله يفتح ذراعيه للعملاق الصيني القادم فالنهضة الصينية ما تزال في أوج شبابها ..،، فيما نحتفل بأعيادنا الوطنية والدينية  ونحن لا نملك لا حاضراً ولا مستقبلاً ،،،.....     كم نحن في أمس الحاجة للاستفادة من هذه الحضارة واستلهام هذه التجربة النهضوية لعلنا نستطيع تقديم شيء لأوطاننا ... 

-----------صالح أبوعسر

الأكثر زيارة