سمية الفقيه
الاثنين 20 فبراير 2017 الساعة 01:25
رجولة و وطنية الطفل التعزي ..
سمية الفقيه
 
أطفال تعز،بالإسم هم أطفال،بالشكل،بالملامح السمراء الباهتة،بالنظرة الطفولية المرسوم عليها ملامح مستقبل يرسمه واقع مرير يغوصون في ثنايا شوكه.
بالكنية هم أطفال إنما بالأفعال هم رجال برجولة، ووطنية كاملة تعلموها من وحشية الحرب الدائرة ،وصلف العيش وواقع صعب صقلهم كما يُصقل الذهب كي يلمع ويخرج بأحسن صورة .
                               
الطفولة التعزية حالها كحال كل اطفال اليمن اغتالتها الحرب بين زخات المدافع وذاقوا صنوف العذاب إلا ان اطفال تعز تجرعوا ويلات الحرب اضعافا مضاعفة  ،وخرجت طفولتهم عن معانيها كأرجوحة غيم، ولعبة وقصة حلم زهري اللون وحدائق ذات بهجة وظلال، إلى كونها رجولة مبكرة يعيشها كل طفل في تعز فرضتها عليه الحرب عنوة.شاخوا قبل أوانهم، تعلموا المعاناة وتحملوا آثام المخطئين من زبانية الحرب ورهبانها بأكتافهم النحيلة وحرقة ارواحهم الواهنة.
البعض منهم اغتيلت أعمارهم مبكرا وقضى نحبه،والبعض ينتظر.البعض شوهتهم شظايا الحرب ونيرانها وصاروا معاقين ومسلولين ومبتورة اطرافهم.البعض تحمّل المسؤلية مبكراً بعد ان قُتل أباه أمام عينيه أو صار اخوته الأكبر منه معاقين إما بلغم او بقذيفة طائشة.والبعض صار يتيم الأبوين لاجئا،مشردا ،لا أهل ولا وطن يحتويه.
وهكذا،الطفل التعزي مسلسل من العناء و اغتيال حياته يمر امامه كشريط قهر يومي علمه كيف يصبح رجلا يُعتمد عليه.
 
الأطفال التعزيون تشرق شمس صباحاتهم شائخه وأحلامهم     مقتولة، فيتنادوا مصبحين خاوية بطونهم،لا ليلعبوا كرة القدم في الحارة إنما لسأب الماء وانتظارة لساعات بين حر الشمس ويسبقه حر الأنين.وما إن ينتهوا حتى تناديهم امهاتهم لحمل بضاعتهم في كراتين مهترئة ليذهبوا لطلب الرزق الحلال ببن وحشة الدروب وعتمة الحياة.
 
أطفال تعز،رجال يجابهون الحرب ويسلخون الحياة من جلد الموت الموحش برجولة حقيقية وكد يومي وقد سلبتهم الحرب كل حقوق الطفولة وصادرتها زناد البنادق ولؤم ساسة اليمن الأوغاد.
 
الطفل التعزي ورغم تراب الأسى الذي يغطيه إلا انه عند المساء ينفص عنه تراب المشقة ويسارع لأخذ حقيبته المدرسية ليقينه ان العلم وحده من سيقهر كهنوت الجهالة وعفونة العقول الغلف الصدئة.
 
الطفل التعزي لم تقهره بشاعة الحرب ولن تثنيه زمجرة القذائف  ومخالب القتل اليومي من أن يصبح صلبا وطنيا بجداره رغم أحزانه وعرق العذاب في جبين روحه الجبارة.
الطفل التعزي عظيم كعظمة جبل صبر،لم ولن يُذل بل صقلته العثرات والألم وتعلّم الرجولة والعزيمة والثبات والاصرار على الحياة والتي يستحق بها ان يكون هذا الوطن له،وهو الأقدر على بناءه وليس لزبانية حرب يتجارون بوطنهم وبدماء ابناءه بوطنية زائفة أكلتها الديدان منذ زمن.
 
جبارٌ وعظيمٌ أنت أيها الطفل التعزي وأنت تُعلم العالم وتُعلم أشباه الرجال كيف تكون الرجولة والوطنية الحقيقية .فالوطنية الحقيقية ليست كلمات جوفاء تلوكها الألسن المتشدقة بل هي أفعال ومواقف،وهي أن تحمل هموم الوطن فوف كتفك لتسير به لبر الانعتاق رغم كل المصائب.
أيها العالم ألا فاشهد.