د.عبدالغني علي السبئي
الاثنين 27 ابريل 2020 الساعة 05:42
الانعكاسات الاقتصادية لفيروس كورونا على البلدان العربية
د.عبدالغني علي السبئي


البيئة الاقتصادية الدولية وانعكاساتها على البلدان العربية
- فيروس كورونا: امتداد الأثر الإقتصادي لفيروس كورونا، مع ما يستتبعه ذلك من تأثر الاقتصاد العالمي و الاقتصادات العربية بصدمات جانبي العرض والطلب وتزايد مستويات عدم اليقين وتراجع مستويات ثقة  المستثمرين والمستهلكين حتى النصف الأول من عام 2020، مع افتراض عدم حدوث حالات إغلاق Shutdown واسعة النطاق عالمياََ . سيأتي التأثير السلبي على النمو عبر قنوات العرض والطلب على حد سواء. فمن ناحية، ستؤدي إجراءات الحجر الصحي والمرض والمشاعر السلبية للمستهلكين والأعمال إلى خفض الطلب الكلي. ومن ناحية أخرى، سيؤدي إغلاق بعض المصانع وتعطيل سلاسل التوريد إلى اختناقات في الإمدادات تؤثر على مستويات المعروض.
- مسارات نمو الاقتصاد العالمي: من المتوقع نمو محدود الوتيرة للاقتصاد العالمي نتيجة تأثرعدد من الدول بالتداعيات الاقتصادية الناتجة عن انتشار الفيروس وما تفضي إليه من تباطؤ أكثر من المتوقع لمستويات الطلب الخارجي والتجارة الدولية. مع تعافي بطيء وبشكل تدريجي من انعكاسات انتشار الفيروس بما يتوافق مع مسار النمو المحتمل وفق حرف U، وبحيث يبدأ الاقتصاد العالمي بالتعافي بداية من عام 2021. 
- التجارة الدولية: تأثير كبير لانتشار فيروس كورونا على التجارة الدولية خلال عام 2020 سواءَ فيما يتعلق بالتبادلات التجارية السلعية أو الخدمية، وتعطل وإربك سلاسل الإمداد العالمية في العديد من البلدان وهو ما يتوقع على ضوئه تراجع مستويات التجارة الدولية السلعية والخدمية خلال عام 2020، وتعافيها العام المقبل بافتراض انحسار أثر انتشار الفيروس في عام 2020.
- الأسعار العالمية للنفط: من المتوقع وفق عدم تمكن دول منظمة األوبك إلى اتفاق بشأن مد العمل باتفاق "أوبك+"  إلى ما بعد أبريل 2020، والتراجع المتوقع في مستويات نمو الطلب على النفط بسبب تداعيات فيروس كورونا، وما نتج عنه من انخفاض مستويات طلب بعض القطاعات الاقتصادية الأساسية على الوقود مثل قطاع الصناعة والطيران والتجارة في ظل اتجاه عدد كبير من الدول إلى فرض حظر واسع النطاق على انتقالات الأفراد  أن تتسم الأسواق العالمية للنفط باستمرار تفوق مستويات المعروض النفطي خلال عام 2020. عليه، من المتوقع أن ينعكس ذلك على مستويات الأسعار التي من المتوقع ان تنخفض إلى مستويات تتراوح بين 45-40 دولار للبرميل وفق سلة خامات أوبك خلال النصف الثاني من  عام 2020، مع ارتفاع متوقع للأسعار لتدور حول 50 دولار للبرميل خالل عام 2021 مع التحسن التدريجي للنشاط الإقتصادي العام المقبل 
- توجهات السياسة النقدية: من المتوقع استمرار الموقف التيسيري للسياسة النقدية في البنوك، المركزية العالمية الرئيسة ممثلة في كل من مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي والبنك المركزي الأوروبي مع ما يستتبعه ذلك من  تراجع أسعار الفائدة لمستويات صفرية أو سالبة. علاوة على معاودة تنفيذ برامج التيسير الكمي لتحفيز البنوك، على  منح الائتمان بهدف تمكين التخفيف من التبعات الإقتصادي لفيروس كورونا. هذه الاتجاهات التيسيرية للسياسة النقدية سوف تواكبها البنوك، المركزية العربية المرتبط عملاتها  بالدولار واليورو، وهو ما سيدعم اقتصاداتها في مواجهة هذه الظروف الاستثنائية.

الانعكاسات الاقتصادية لفيروس كورونا على البلدان العربية
الأثرعلى أداء الاقتصادات العربية 
القطاع الحقيقي
من المتوقع تأثر مستويات النشاط الإقتصادي في الدول العربية نتيجة انتشار الفيروس من خلال عدة من القنوات لعل من أهمها تأثر مستويات الطلب الخارجي التي تساهم بنحو 48 في المائة من الطلب الكلي في  الدول العربية علاوة على تأثر الإنتاج في عدد من القطاعات الاقتصادية الأساسية التي تسهم بنحو 60 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. كذلك من المتوقع تراجع الأنفاق الاستهلاكي والاستثماري بسبب انتشار الفيروس وحالات إغلاق الأسواق والمناطق الترفيهية، وهو ما سينعكس على بعض الاستثمارات في المرحلة المقبلة. من ناحية أخرى، تأثر القرار الاستثماري بعدم اليقين بخصوص ما سيؤول إليه الوضع خلال الأشهر المتبقية من عام 2020 وهو ما قد يؤدي إلى تأثر المشاريع الاستثمارية القائمة والمخطط لها، نتيجة تباطؤ النمط الاستهلاكي.
قطاع المالية العامة
من المتوقع أن تواجه الدول العربية خلال عام 2020 تحديات ذات صلة بتداعيات فيروس كورونا على أوضاع المالية العامة، وقد تمتد إلى العام القادم نظراََ لحجم الأنفاق الحكومي المتزايد للحد من انتشارالفيروس، وتبقي الأسعار العالمية للنفط أحد المحددات التي تستند إليها تقديرات الموازنة العامة في الدول العربية، وهو ما قد يتطلب مراجعة موازناتها العامة نظراََ للانخفاض المفاجئ لسعر برميل النفط إلى حدود  26 دولار للبرميل في أبريل 2020، فضلاََ عن حجم الأنفاق الطارئ على المستلزمات الطبية والقطاع الصحي التي قد تتزايد بعد المحاولات الجارية باكتشاف أمصال وأدوية لعلاج الأعراض الناتجة عن فيروس كورونا، فضلاً عن التحديات القائمة في هذه الدول قبل ظهور الفيروس. 
الدول العربية المصدرة للنفط
على مستوى الدول المصدرة للنفط، من المتوقع أن يؤدى انخفاض الأسعار العالمية للنفط إلى إجراء تعديلات على تقديرات موازنة العام 2020 التي دخلت حيز التنفيذ. هذا من شأنه أن يقلل من الإيرادات الحكومية للدولة ويتسبب في عجوزات ماليةأ كبر مما كانت عليه في السنوات السابقة. بالتالي لتمويل العجز المالي الذي تركه حجم الانفاق الطارئ على الفيروس، قد تلجأ الدول العربية المصدرة للنفط في الأجل الطويل إلى مصادر تمويل أخرى، مثل الزيادة في الإيرادات الضريبية وتنويع الهياكل الاقتصادية. من ناحية أخرى، على الرغم من حجم  الأنفاق الكبير للدول المصدرة للنفط وبالأخص دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، فإنها قد تستفيد من ميزة الصناديق السيادية التي كونتها من فوائضها المالية الناتجة عن ارتفاع أسعار النفط في سنوات سابقة التي يبلغ إجمالي حجم أصولها 2,978.6 مليار دولار أمريكي . 
الدول العربية المستوردة للنفط
من ناحية أخرى، تواجه الدول العربية المستوردة للنفط ظروفاً استثنائية تتمثل في عجز الموازنات العامة وربما تكون الفرصة سانحة للاستفادة من الانخفاض المفاجئ في أسعار النفط لتحقيق وفرة مالية باعتبار أن تقديرات موازنة 2020 التي أجريت في عام 2019 قد بُنيت على فرضيات أسعار مرتفعة نسبياََ عن الأسعار الحالية، وبالتالي هناك إمكانية للدول المستوردة للنفط لعكس هذه الوفرة المتوقعة من فروقات أسعار النفط لتمويل حزم التحفيز والتدابير التعويضية وبالاخص دعم الأفراد والشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في المجالات المتضررة على رأسها النقل الجوي والسياحة، أو قد تلجأ إلى زيادة حجم الأنفاق على القطاع الصحي وخدمات الرعاية الاجتماعية، والضمان الإجتماعي والتحويلات النقدية المباشرة. يعتبر انخفاض أسعار النفط ميزة سوف تمكن بعض الدول العربية المستوردة للنفط التي تتبني عملية التحول التدريجي من الدعم غير المباشر على السلع والخدمات الأساسية إلى الدعم النقدي المباشرالموجه إلى مستحقيه.
الدين العام
في خضم التطورات المتسارعة في الإقتصاد العالمي في ظل تفشي فيروس كورونا، يعتبر موضوع الدين العام أحد أهم الأدوات التي لجأت إليها الدول العربية للتصدي لجائحة كورونا. فبالإضافة إلى العديد من الإجراءات التي تم تبنيها من قبل البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية من أجل توفير السيولة اللازمة  للجهاز المصرفي لدعم القطاع الخاص، هناك بعض المقترحات بإصدار سندات دين حكومية لدعم جهود  الدول العربية لتوفير التمويل المطلوب لمواجهة هذا الوباء. حيث يمثل تفشي فيروس كورونا عبئاََ إضافياً على حجم الدين العام في الدول العربية سيما وأن الإجراءات الحالية سوف تؤدي إلى زيادة إجمالي الدين العام كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي خلال الأعوام القادمة. في المغرب، أشارت الحكومة المغربية إلى إمكانية تجاوز سقف الدين العام لعام 2020 بنحو 3 مليارات دولار أمريكي بسبب جائحة كورونا. من ناحية أخرى، بدأت دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية النظر في إصدار سندات دين لدعم جهودها في التصدي لجائحة كورونا، حيث أصدرت قطر سندات سيادية بقيمة 10 مليار دولار. كما شرعت الكويت في اجراء بعض التعديلات على قانون الدين العام يسمح للحكومة باقتراض حوالي 25 مليار دينار كويتي ، وكانت الإمارات قد أعلنت في عام 2019 عن اصدار سندات اتحادية في 2020 وذلك وفقاََ لمرسوم القانون الاتحادي رقم (9) لسنة 2018  بشأن الدين العام والذي يمكن الحكومة الاتحادية من إصدار السندات السيادية، ومساعدة القطاع المصرفي على تلبية قواعد السيولة الدولية بمجرد إصدارها وتطوير سوق الأوراق المالية
القطاع النقدي والمصرفي
عند قيام البنك المركزي.بإعلان المؤشرات الكمية لسياسته النقدية، يتبادر إلى الذهن قنوات انتقال السياسة  النقدية (سعرالفائدة، الائتمان المحلي، وأسعار الأصول) إلى القطاع الحقيقي حيث يظهر الأثر على معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي ومعدلات التضخم. في هذا الصدد، يُلاحظ أن غالبية حكومات العالم قد لجأت  إلى أدوات السياسة النقدية في مجابهة فيروس كورونا، حيث لجأ البعض إلى أسعار الفائدة وتوظيف عمليات السوق المفتوحة، في حين لجأ البعض الآخر إلى استخدام نسبة الاحتياطي النقدي القانوني لزيادة قدرة المصارف التجارية على منح التمويل. في هذا الإطار لجأت غالبية المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية إلى خفض أسعار الفائدة النقدية في آن واحد حيث أن كل جولات الخفض تمت خلال شهر مارس من عام 2020 وبنسب متقاربة من بعضها البعض، وهو ما من شأنه دعم مستويات السيولة التي تأثرت عام 2019 بظروف تباطؤ النشاط الإقتصادي في عدد من الدول العربية. 
من جانب آخر، اتخذت الدول العربية سياسات تحفيزية على مستوى السياسة النقدية لدعم الطلب المحلي في الاقتصاد عن طريق السياسة النقدية وكذلك لدعم سيولة القطاع المصرفي وبالتالي تشجيع المصارف التجارية على تمويل القطاع الخاص، والمشروعات الصغيرة والمتوسطة العاملة في المجال الصحي،وتلك التي تعمل في القطاعات المتأثرة بتداعيات فيروس كورونا، مثل قطاع الخدمات (النقل والسياحة). كما قدمت البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية حزمة من المزايا للمصارف التجارية من أجل تخفيف آثار انتشار الفيروس على عملائها والتي سوف يتم التطرق إليها في الجزء التالي من هذا التحليل والخاص بجهود الدول العربية.
الرسم البياني لمعدل نمو السيولة المحلية في الدول العربية (%)

لا بد من الأخذ في الإعتبار هيكل الجهاز المصرفي في الدول العربية وتناول أثرالسياسات التحفيزية على مؤشرات السلامة المالية للقطاع المصرفي فيما يتعلق بكفاية رأس المال، وجودة الأصول، والربحية،  وحجم التعثر في التمويل المصرفي ، حيث أن أداء هذه المؤشرات يتباين بين المصارف، ويختلف بين المصارف ذات العجز السيولي والمصارف ذات الفائض السيولي. 
بالنسبة للمصارف الكبيرة التي تتمتع بفائض سيولي، من المتوقع أن تقدم تسهيلات مصرفية ومزايا مجزية لعملائها مقارنة بتلك التي في الأصل كانت تعاني من عجز سيولي قبل تفشي فيروس كورونا. على سبيل المثال التسهيل المصرفي الخاص بتأجيل أقساط القروض لفترة زمنية محددة، يمكن أن تمنح المصارف الكبيرة (من حيث رأس المال، وجودة الأصول، والسيولة) لعملائها فترة زمنية أطول تتراوح بين 3 و 6 أشهر، في حين ستكتفي المصارف الصغيرة والمتوسطة بتأجيل أقساط القروض لعملائها لفترة زمنية  قصيرة تتراوح بين الشهر و ثلاثة أشهر.
تجارة الخدمات في الدول العربية 
خدمات النقل
خفض عدد من شركات الطيران العربية رحلاتها اليومية في أعقاب انتشار فيروس كورونا. يُذكر أن الدول العربية تمتلك عدداَ من خطوط الطيران الدولية تغطي مناطق شاسعة حول العالم والتي طالها التأثير بالفيروس، حيث أعلن عدد منها وقف الرحلات الجوية من وإلى عدد من المناطق الموبوءة. في هذا السياق، اتخذت شركات الطيران العربية عدد من الإجراءات للحد من انتشار الفيروس، تمثلت في إعفاء المسافرين من الرسوم المفروضة على إلغاء وتأجيل الرحلات في ظل اتخاذ السلطات الوطنية في الدول العربية عدد من التدابير مثل عدم إصدار تأشيرات دخول للدولة وتعليق دخول حاملي التأشيرات سارية المفعول لحين إشعار آخر.
خدمات السياحة
يعتبر القطاع السياحي في الدول العربية من أكثر القطاعات تأثراً بتداعيات تفشي فيروس كورونا لاسيما أن 80 في المائة من القطاع يتكون من الشركات الصغيرة والمتوسطة. نظراََ للجهود الدولية للحد من تفشي فيروس كورونا، والقيود التي فُرضت على حركة السفر والسياحة بين الدول، تأثر قطاع السياحة بصورة مباشرة لاسيما في الدول العربية التي تعتمد عليه كأحد مصادر الإيرادات الهامة للموازنات العامة وكذلك موازين مدفوعاتها.
في الأجل القصير كان الأثر قوياََ نظراََ لحالة الارتباك التي سادت القطاع والخسائر التي يتكبدها مقدمي الخدمة في الدول العربية نظير إلغاء بعض الحجوزات من الفنادق. لذلك يعتبر توفير تدابير وإجراءات تعويضية للفاعلين في قطاع السياحة من ضمن الأولويات التي يجب أن تركز عليها الدول العربية نظراََ لأهمية القطاع في توفير فرص العمل، ودعم الناتج المحلي الإجمالي، ودعم تجارة الخدمات، ورفد الموازنات العمومية للدول العربية، فضلاً عن توفير العملة الصعبة.
في هذا السياق، سوف تستفيد الشركات العاملة في المجال السياحي من حزمة المزايا والحوافز التي قدمتها بعض المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية في إطار جهودها للحد من انتشار فيروس كورونا خاصة تلك المتعلقة بتأجيل أقساط العمليات التمويلية القائمة، أو الاستفادة من المزايا الُمقدمة من الحكومات فيما يتعلق بتخفيض عبء التكاليف التشغيلية، وتقديم حوافز ضريبية. 
في الأجل المتوسط والطويل، تمثل خدمات السياحة والسفر إحدى مكونات حساب الخدمات في الميزان الجاري وبالتالي فإن خسائر القطاع سوف تنعكس على موقف حساب العمليات غير المنظورة لميزان المدفوعات. فكلما تمتع الاقتصاد بفائض وافر في حساب التجارة السلعية (الصادرات والواردات السلعية) فإن ذلك سيتيح له تعويض العجز في حساب العمليات غير المنظورة الذي يشمل الخدمات، والدخل، والتحويلات الجارية، وهو ما سوف يسهم في تخفيف أثر تراجع متحصلات قطاع السياحة، والعكس صحيح .

ترتيب الدول العربية حسب مؤشر تنافسية السفر والسياحة العالمي (2019)

التجارة السلعية 
تعتبر الصين أحد أهم الشركاء التجاريين للدول العربية حيث تشير الإحصاءات إلى أنه حتى عام 2018 تعتبر الصين ثاني أكبر شريك تجاري للدول العربية بوزن نسبي بلغ 13 في المائة عام 2018، وذلك بعد الأتحاد الأوروبي الذي احتل المرتبة الأولى في حركة التجارة السلعية مع الدول العربية بوزن نسبي بلغ 20 في المائة من إجمالي تجارة الدول العربية مع العالم. شهد عجز الميزان التجاري تحسناً في الفترة الأخيرة وباألخص مع الصين حيث تحول العجز البالغ 38 مليار دولار في عام 2017 إلى فائضاََ قدره 34 مليار دولار عام 2018، في حين سجل موقف الميزان التجاري مع الأتحاد الأوروبي عجزاً قدره 48 مليار دولار مقابل 117 مليار دولار في عام 2017. ومن المتوقع أن يؤثر ان تشار الفيروس على موقف التجارة الخارجية للدول العربية مع أبرز شركائها التجاريين.
الأسواق المالية العربية 
تأثرت الأسواق المالية العربية بتداعيات فيروس كورونا كغيرها من أسواق المال العالمية. كذلك سجلت بعض البورصات خسائر مفاجئة جراء انخفاض أسعار أ سهم الشركات الكبرى المُدرجة. وفقاََ للمؤشر المركب الذي يصدره صندوق النقد العربي الذي يقيس أداء الأسواق المالية العربية مجتمعة، سجلت أسواق المال العربية تراحعاََ ملحوظاََ في مارس 2020 . يعتبر سوق دبي المالي من أكثر الأسواق تأثراً حيث تراجع مؤشر السوق بنسبة 21.7 في المائة، في حين تراجعت بورصة البحرين بنسبة 14.9 في المائة، وهبطت قيمة الأسهم في سوق الدوحة للأوراق المالية بنسبة 13.8 في المائة. وبلغ معدل تراجع قيمة الأسهم في سوق المال السعودي في شهر مارس 351 نقطة مقابل 396 نقطة في فبراير بمعدل انخفاض  بلغ 11.5 في المائة. 
موقف أسواق المال العربية في ظل ظهور فيروس كورونا وفقاً للمؤشر المركب لصندوق النقد العربي 
لشهري مارس وفبراير 2020، ومعدل التغير (%)

الإنتاج النفطي في الدول العربية
 تشكل احتياطيات الدول العربية من النفط الخام حوالي 57.1 في المائة من الاحتياطيات العالمية، حيث شهد الإنتاج النفطي في الدول العربي انخفاضاََ بلغ 2 في المائة ليصل إلى 712.3 مليار برميل في عام 2018 . من ناحية أخرى، يمثل احتياطي الدول العربية من الغاز الطبيعي حوالي 27.1 في المائة من إجمالي احتياطيات الغازالعالمي حيث وصل إلى 54.6 تريليون متر مكعب في عام 2018 بزيادة قدرها  0.6 في المائة. 
من ناحية أخرى، بلغ إنتاج أوبك من النفط الخام حوالي 27.84 مليون برميل يومياً في فبراير 2020، بانخفاض 510 برميل يومياََ عن بيانات يناير 2020. يعتبر هذا المستوى أقل مستوى للانتاج النفطي خلال الخمس سنوا ت السابقة. يعزى ذلك إلى توقف امدادات النفط من ليبيا بسبب الأوضاع الداخلية وإغلاق  الموانئ وحقول انتاج النفط بسبب تفشي فيروس كورونا إلى جانب التزام الدول العربية بشكل عام باتفاق "أوبك+" لتعديل كميات الإنتاج لضمان توازن السوق. من المتوقع أن يتأثر انتاج الدول العربية من النفط  خلال عام 2020 بعدد من العوامل من أهمها التوقعات بركود النشاط الإقتصادي العالمي والتطورات فيما يتعلق بـ "اتفاق أوبك+" الذي تستهدف دول أوبك من ورائه ضمان توازن السوق النفطية.

السياسات المتبناة على مستوى الدول العربية لتجاوز تداعيات فيروس كورونا الُمستجد
تحركت الدول العربية بصورة عاجلة فور إعلان منظمة الصحة العالمية أن كورونا جائحة عالمية، حيث اتبعت مجموعة من الإجراءات والتدابير الاحترازية على المستوى الإقتصادي لمواجهة تداعيات انتشار الفيروس على الاقتصادات العربية. بلغ إجمالي الدعم الموجه من قبل الحكومات العربية حوالي 180 مليار دولار أمريكي (6 في المائة من الناتج العربي الإجمالي) حتى تاريخه. بعض الدول العربية قامت بإنشاء صناديق تمويلية تساهم فيها المصارف التجارية، والقطاع الخاص كما هو الحال في المغرب والكويت. بينما لجأت دول أخرى مثل السودان إلى إنشاء صندوق تكافلي للحد من انتشار الفيروس يتلقى من خلاله التبرعات من داخل وخارج السودان. من جانب آخر لجأت غالبية الدول العربية إلى تقديم الدعم اللازم عبر مصارفها المركزية من خلال خفض أسعارالفائدة الاسمية كما(سبق الإشارة).
الحزم التحفيزية في الدول العربية
اتخذت المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية خطوات جادة للحد من انتشار فيروس كورونا. على مستوى دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، تبنت السعودية حزمة تحفيزية بقيمة 34.4 مليار دولار (5 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي) موجهة لدعم الائتمان والسيولة والقطاع الخاص في مواجهة أزمة كورونا، كما أعلنت السلطات تحمل نسبة 60 في المائة من رواتب موظفي القطاع الخاص السعوديين بقيمة إجمالية تصل إلى 9 مليارات ريال سعودي. في حين أعلنت الإمارات عن تبني حزمة تحفيز إجمالية  بقيمة 77 مليار دولار ( 238 مليار درهم بما يعادل نحو 19 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي). 
في نفس الصدد، أعلنت آلية إدارة الأزمات في قطر عن تقديم حزمة من السياسات التحفيزية بحوالي 23.4 مليار دولار( 75 مليار ريال قطري ) تمثل نحو 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي). كما أطلقت الكويت مبادرة بإنشاء صندوق تمويلي بقيمة 10 ملايين دينار كويتي ما يعادل 33 مليار دولار بمشاركة المصارف التجارية لمجابهة تحديات تفشي فيروس كورونا والحد من انتشاره وذلك لمجابهة الإحتياجات التمويلية الطارئة والعاجلة للحكومة الكويتية في مواجهة الأزمة. في البحرين أعلنت الحكومة عن حزم  تحفيزية بقيمة 560 مليون دينار بحريني ما يعادل 1.5 مليار دولار لمواجهة تداعيات الفيروس على الاقتصاد البحريني. تشمل الإجراءات التي تمتد على مدى ثلاثة أشهر دفع رواتب البحرينيين العاملين في القطاع الخاص وإعفاء المحلات التجارية والشركات الصغيرة والمتوسطة من الرسوم الحكومية، كما تعتزم الحكومة البحرينية تنفيذ حزمة بقيمة 11.4 ملياردولار ما يعادل 4.3 مليار دينار في القريب العاجل كأولوية قصوى لدعم الاقتصاد .
على مستوى الدول العربية المصدرة للنفط الأخرى، أنشأ العراق حساباً خاصاََ تُودع فيه المبالغ المخصصة لمحاربة فيروس كورونا، حيث خصص البنك المركزي في هذا الصدد مبلغ 30 مليار دينار عراقي لدعم جهود الحكومة العراقية لمواجهة الفيروس. بالإضافة إلى ذلك، قدم البنك المركزي العراقي تسهيلات مصرفية تعمل على إعادة جدولة القروض المصرفية لدى القطاع الخاص وبالاخص تلك المستحقة على الشركات الصغيرة والمتوسطة، فضلاََ عن زيادة أجل السداد للقروض القائمة والمستقبلية للقطاعات الأكثر ُعرضةً لتداعيات الفيروس، وتخفيض تكلفة الاقتراض. وفي المغرب تم إنشاء صندوق تمويلي بقيمة 10 ملايين درهم ما يعادل مليار دولار بهدف دعم القطاعات الاقتصادية الأكثر تأثراََ بوباء كورونا وسوف توظف موارد الصندوق بدعم البنية التحتية للقطاع الصحي والمعدات والمستلزمات الطبية.
من ناحية أخرى قدم الأردن دعماََ للاقتصاد بحوالي550 مليون دينار أردني ضمن سياسته الطارئة للحد من التداعيات الاقتصادية لفيروس كورونا على الإقتصاد. كذلك أعلنت مصر حزمة من الإجراءات والتدابير بقيمة 100 مليار جنيه تمثلت في تأجيل المستحقات الائتمانية للشركات المتوسطة والصغيرة والمتناهية الصغر لمدة 6 أشهر وتقديم تسهيلات ائتمانية في هذا الصدد تقضي بإعفاء أي غرامات يتم فرضها نتيجة لعدم السداد تشمل الخطة أيضاََ تقديم الدعم للعمالة المتوقفة بسبب تفشي فيروس كورونا. في 3 ابريل 2020 تلقت الحكومة المصرية دعما ًمن البنك الدولي بقيمة 7.9 مليون دولار أمريكي لدعم جهود الدولة في التصدي لجائحة كورونا، حيث سيتم توظيف الدعم لصالح مشروع تطوير نظام الرعاية الصحية في مصر الذي يهدف الى تحسين جودة خدمات الرعاية الصحية، وتعزيز الطلب على الخدمات الصحية . في تونس أعلنت السلطات عن خطة طوارئ بقيمة 1.6 مليار دولار ( 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي )، تشمل الحزمة عدد من التحفيزات من ضمنها إعفاءات ضريبية، والتحويلات نقدية مباشرة للأسر الفقيرة وذوي الدخل المحدود 150 مليون دينار تونسي. 

حجم الحزم التحفيزية والتسهيلات المصرفية التي انتهجتها الدول العربية
لمواجهة فيروس كورونا (مليار دولار)

جهود البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية
علاوة على ذلك، قامت غالبية البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بتبني سياسات نقدية توسعية من خلال خفض أسعار الفائدة مستفيدة من قيام مجلس الاحتياطي الفيدرالي بإجراء جولتين من خفض الفائدة.
في هذا الصدد، أعلنت مؤسسة النقد العربي السعودي، خفض معدل فائدة اتفاقيات الشراء بواقع 75 نقطة أساس بالإضافة إلى تخفيض سعر فائدة اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس بواقع 75نقطة أساس أيضاً من 1.25 إلى 0.50 بالمائة. هدفت (ساما) من هذا الإجراء إلى تحقيق الإستقرارالمالي في ظل تفشي فيروس كورونا. كذلك أجرى مصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي تعديلات على أسعار فائدته النقدية المختلفة. حيث أجرى تخفيضاً على معدل فائدة شهادات الإيداع التي يصدرها لأجل أسبوع واحد بحوالي 0.7 نقطة مئوية علماََ بان شهادات الايداع المصدرة من قبله تعتبر الأداة الرئيسة لآلية انتقال تغيرات معدلات فائدة السياسة النقدية للجهاز المصرفي. كما خفض ايصاََ سعر الفائدة على التسهيلات الائتمانية وهوامش المرابحات بنحو 50 نقطة أساس. بالإضافة إلى ذلك، أقر مجلس إدارة المصرف  المركزي في دولة الإمارات العربية المتحدة، تخفيض نسبة الاحتياطي الإلزامي من الودائع تحت الطلب بمقدار 50 في المائة لجميع البنو ك من 14 في المائة إلى 7 في المائة. في نفس السياق، بلغت قيمة الدعم الكلي المقدم من مصرف الإمارات المركزي حوالي 256 مليار درهم ما يعادل 69.2 مليار دولار. تتألف  خطة الدعم المالي من عدد من البنود من بينها اعتماد مالي يصل إلى 50 مليار درهم، خصص من أموال المصرف المركزي لمنح قروض وسلف بتكلفة صفرية للبنوك العاملة بالدولة مغطاة بضمان، بالإضافة إلى 50 مليار درهم يتم تحريرها من رؤوس الأموال الوقائية الإضافية للبنوك. علاوة على ضخ سيولة بنحو 61 مليار درهم من خلال قرار المصرف تخفيض متطلبات الاحتياطيات للودائع تحت الطلب لجميع البنوك بمقدار النصف، من 14 في المائة إلى 7 في المائة يمكن استخدامها لدعم إقراض البنوك للاقتصاد الاماراتي وإدارة السيولة لديها. وسيواصل المصرف المركزي مراقبة تطورالأوضاع الاقتصادية والمالية في البلاد ويظل جاهزا للتدخل لتخفيف أثر الأزمة
كذلك خفض البنك المركزي العماني معدلات الفائدة على إعادة الشراء بواقع 75 نقطة أساس من 25 إلى 0.50 في المائة، وقام بزيادة آجال عمليات إعادة الشراء إلى ثلاثة أشهر، كما سعر الفائدة على عمليات خصم أذونات الخزانة الحكومية بواقع 100 نقطة أساس إلى 1 في المائة. وخفض سعر الفائدة على عمليات مبادلة العملات الأجنبية بواقع 50 نقطة أساس، ورفع آجال عمليات مبادلة العملات إلى ستة أشهر. بالإضافة إلى ذلك، أعلن البنك المركزي العماني حزمة من الإجراءات الوقائية تمثلت في خفض رأس المال الوقائي بنسبة 50 في المائة من 2.5 في المائة إلى 1.25 في المائة، ورفع نسبة التسليف بواقع 5 في المائة. كما أعلن مصرف البحرين المركزي عن تخفيض سعر الفائدة على شهادات الايداع لمدة أسبوع من 2.25 في المائة إلى 1 في المائة، وسعر الفائدة على ودائع الليلة الواحدة من 2 في المائة إلى 75 في المائة وسعر الإقراض لليلة واحدة من 4 في المائة إلى 1 في المائة. كما عمل على تخفيض نسبة الاحتياطي النقدي القانوني لمصارف التجزئة من 5 في المائة إلى 3 في المائة. بالإضافة إلى ذلك، شجع المصارف والمؤسسات المالية على الاستجابة لجولات التخفيض التي أعلنها البنك المركزي على أسعار  الفائدة بواقع 50 نقطة أساس، بتقليص هوامش الأرباح ومعدلات الفائدة للعملاء المتأثرين بفيروس كورونا فضلاً عن أي رسوم وعمولات، أو إجراءات مصرفية أخرى .
تعديلات أسعار الفائدة الرئيسة من قبل البنوك المركزية ومؤسسات النقد العربية 
في مارس 2020

 

من جانب آخر، بلغ سعر الفائدة في الكويت أدنى معدل له وفق المستويات التاريخية، حيث خفض بنك الكويت المركزي سعر الخصم في 4 مارس 2020 بواقع ربع نقطة مئوية، وتبع ذلك تخفيض آخر بتاريخ 16 مارس 2020 بواقع نقطة مئوية كاملة، لينخفض سعر الخصم بذلك من 2.75 في المائة إلى 1.5 في المائة، وهو المستوى الأدنى تاريخيًا، مستهدفاََ بذلك تخفيض تكلفة الاقتراض لجميع القطاعات الاقتصادية من أفراد ومؤسسات لتعزيز بيئة داعمة للنمو الإقتصادي والمحافظة على الإستقرار النقدي والاستقرار المالي. كما خفض مصرف قطر المركزي معدلات الفائدة على الايداع من 1.5 بالمائة إلى 1 بالمائة بمقدار 50 نقطة أساس. كما تم تخفيض سعر الفائدة على التسهيلات الممنوحة للمصارف التجارية من 3.5 بالمائة إلى 2.5 بالمائة بمقدار 100 نقطة أساس. شمل قرار مصرف قطر المركزي أيضاً خفض أسعار فائدة الريبو من 1.5 بالمائة إلى 1 بالمائة بمقدار 50 نقطة أساس. كما أعلن مصرف البحرين المركزي تخفيض سعر الفائدة على شهادات الايداع المصدرة من قبله لأجل شهر، أسبوع، ولليلة واحدة بواقع 75 نقطة أساس. كما خفض سعر الفائدة على التسهيلات الإئتمانية الممنوحة إلى مصارف قطاع التجزئة بواقع 75 نقطة أساس .
من جانب آخر، كان للدول المستوردة للنفط أيضاََ نصيباََ من الإجراءات المتبناة للتخفيف من آثار الفيروس، حيث استخدمت أدواتها النقدية مثل أسعار الفائدة الاسمية، وأسعار الخصم، والتسهيلات الإئتمانية، والاحتياطي النقدي القانوني، والادوات الأخرى (السقوف الإئتمانية) في محاولة لتجاوز تداعيات انتشار الفيروس 
في هذا الصدد، أعلن البنك المركزي الأردني  في 16 مارس 2020 بناءََ على قرار لجنة عمليات السوق المفتوحة عن خفض معدلات الفائدة بنحو 100 نقطة أساس على أدوات السياسة النقدية المستخدمة من قبله، في حين خفض سعر الفائدة على شهادات الايداع لليلة واحدة بمقدار 75 نقطة أساس، شمل قرار التخفيض أيضاََ سعر فائدة إعادة الخصم، وسعر فائدة اتفاقيات إعادة الشراء لليلة واحدة، وسعر الفائدة الرئيس للبنك المركزي، وسعر الفائدة على نافذة الايداع لليلة واحدة. كما خفض البنك المركزي أسعار الفائدة النقدية بمقدار 300 نقطة أساس، كما خفض معدل العائد على شهادات الايداع لليلة واحدة من 10.25 في المائة إلى 9.25 في المائة بواقع 50 نقطة أساس. كذلك خفض البنك المركزي التونسي سعر الفائدة الرسمي بمقدار 100 نقطة أساس. كما أعلنت السلطات النقدية عن حزمة لدعم القطاع الخاص، من خلال مطالبة البنوك بتأجيل سداد القروض القائمة وتعليق أي رسوم على المدفوعات الإلكترونية والسحوبات، إنشاء صناديق استثمارية، وضمان حكومي للإئتمان المصرفي الجديد، بالإضافة إلى تفعيل آلية للدولة لتغطية الفرق بين معدل الفائدة الاسمي وسعر الفائدة الفعلي على قروض الاستثمار في حدود 3 في المائة من ناحية أخرى، خفض البنك المركزي المصري أسعار الفائدة النقدية بمقدار 300 نقطة أساس، لتنخفض أسعار الفائدة الخاصة بمعدل العائد على الإيداع والأقراض لليلة واحدة، وسعر العملية الرئيسة،وسعر الإئتمان والخصم إلى 9.25 بالمائة، و10.25 بالمائة، و9.75 بالمائة، و 9.75 بالمائة على التوالي. كما وجه البنك المركزي المصري المصارف التجارية بالسماح بتحديد حدود ائتمانية لمقابلة تمويل عمليات الاستيراد للسلع الضرورية ولتلك التي تساهم في الحد من انتشار فيروس كورونا مثل المعقمات الطبية و الأقنعة الطبية وغيرها من المستلزمات الضرورية.
كما اتخذ مصرف لبنان المركزي اتجاها آخر لمواجهة الفيروس من خلال حث المصارف التجارية على منح أولوية التحويلات النقدية الأجنبية بغرض شراء المستلزمات الطبية الضرورية لمجابهة فيروس كورونا وذلك في وقت يعاني فيه الإقتصاد اللبناني من شح النقد الأجنبي. في فلسطين قدمت سلطة النقد الفلسطينية حزمة من الإجراءات والتدابير بغرض التخفيف من حدة التداعيات الاقتصادية لكورونا شملت تأجيل استحقاقات التسهيلات الائتمانية الممنوح للقطاع الخاص حتى 4 أشهر، مع إعفاء لفترة 6 أشهر للقطاع السياحي والفندقي باعتباره أكثر القطاعات تأثراََ بالأزمة بما يساهم في تحقيق وفرة مالية تتيح للمصارف استخدامها في تمويل الشركات والمنشآت التي تستفيد بدورها في سد العجز السيولي الذي تعرضت له نتيجة تفشي الوباء.

الخلاصة 
من خلال التحليل السابق للاقتصادات العربية على عدد من الجوانب والقطاعات الاقتصادية التي تأثرت جراء تفشي فيروس كورونا. وعلى خلاف الصدمات الأخرى على مر التاريخ والتي كانت تؤثر على أحد جانبي الاقتصاد الكلي (العرض أو الطلب)، يتبين أن فيروس كورونا قد أثر بصورة مباشرة على جانبي لعرض الطلب معاً
يتطلب ذلك استجابة واسعة على صعيد السياسات النقدية والمالية لدعم الطلب وتوفير التمويل اللازم للقطاعات المختلفة والأكثر تضرراً من تفشي فيروس كورونا. بالتالي تعتبر الاستجابة المالية الفورية ضروريةً جدا وذلك من خلال تعزيز الأنفاق على قطاع الخدمات الصحية، ورعاية المرضى، والحد من انتشار الفيروس. حيث أعلنت الحكومات العربية في هذا الصدد، سياسات وإجراءات مشددة في مواجهة فيروس كورونا والحد من انتشاره مثل فرض حظر التجوال في بعض الدول، وإغلاق الأماكن الترفيهية  ودور العبادة، فضلاً عن العمل عن بعد في الدوائر الحكومية.
أما  على المستوى الإقتصادي، فقد جاءت السياسات التي أطلقتها الدول العربية تحفيزية من خلال حزم  الدعم المالي لهذه الدول عن طريق مصارفها المركزية أو من خلال إنشاء صناديق تمويلية وحسابات خاصة أنشئت خصيصاً لهذا الغرض . كما تم تعزيز هذه الخطوة من خلال جولات الخفض في أسعار الفائدة النقدية التي أعلنتها المصارف المركزية ومؤسسات النقد العربية. كما استفادت المصارف المركزية من أدواتها النقدية حيث لجأ بعضها إلى برامج التيسير الكمي عبر توظيف عمليات السوق المفتوحة بشراء السندات الحكومية من المصارف التجارية والقطاع الخاص، بالإضافة إلى تخفيض نسبة الاحتياطي النقدي القانوني بما يعزز من قدرتها على زيادة حجم التمويل المصرفي للقطاع الخاص ومنح تسهيلات مصرفية لعملائها مع التركيز على الشركات الصغيرة والمتوسطة. 
رغم أن السياسات النقدية التحفيزية سوف تساعد على تحفيز الطلب الكلي في الاقتصاد من خلال تحفيز النمط الاستهلاكي وتشجيع الاستثمار، إلا أنه يتعين على الحكومات العربية أن تحترز من تداعيات ذلك على موازناتها وعلى أوضاع القطاع الخارجي وعلى أسعار صرف عملاتها وعلى تدفقات رؤوس الأموال.
على الرغم من ذلك، لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن الآثار الاقتصادية المحتملة لفيروس كورونا إلا أن التوقعات تشير الى أن الصدمة قد تكون كبيرة بالأخص فيما يتعلق بتوفير مدخلات الإنتاج والسلع االستهالكية المستوردة. في بعض الدول قد يكون أثر الصدمة أقل نوعا من دول أخرى، ذلك  يعتمد على مدى قوة الاستهلاك المحلي و مرونة سعر الصرف وعمق سوق النقد الأجنبي في هذه الدول، كما أن الدول التي تتمتع بقطاع مصرفي سليم وذو مناعة ضد صدمات العرض والطلب يمكن أن تكون مستويات تأثرها أقل الأثر جائحة كورونا. بالإضافة الى عوامل أخرى مثل مدى متانة شبكات الحماية  الاجتماعية، وقوة قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة.